حدّثت عن أبي عبيد الله محمّد بن عمران بن موسى المرزبانيّ. قال : دفع إلى العبّاس بن العبّاس بن محمّد بن عبد الله بن المغيرة الجوهريّ كتابا ذكر أنه بخط عبد الله بن أبي سعد الورّاق فكان فيه : حدّثنا عبد الله بن محمّد بن عياش التّميميّ المروروذي قال سمعت جدي عياش بن القاسم يقول : كان على أبواب المدينة مما يلي الرحاب ستور وحجاب ، وعلى كل باب قائد. فكان على باب الشام سليمان بن مجالد في ألف ، وعلى باب البصرة أبو الأزهر التّميميّ في ألف ، وعلى باب الكوفة خالد العكي في ألف ، وعلى باب خراسان مسلمة بن صهيب الغسّاني في ألف. وكان لا يدخل أحد من عمومته ـ يعني عمومة المنصور ـ ولا غيرهم من هذه الأبواب إلا راجلا ، إلا داود بن على عمه فإنه كان منقرسا ، فكان يحمل في محفة. ومحمّد المهديّ ابنه ، وتكنس الرحاب ، في كل يوم يكنسها الفراشون ، ويحمل التراب إلى خارج المدينة ، فقال له عمه عبد الصّمد : يا أمير المؤمنين أنا شيخ كبير فلو أذنت لي أن أنزل داخل الأبواب فلم يأذن له. فقال : يا أمير المؤمنين عدّني بعض بغال الرّوايا التي تصل إلى الرحاب. فقال : يا ربيع : بغال الرّوايا تصل إلى رحابي؟ فقال : نعم يا أمير المؤمنين. فقال : تتخذ الساعة قني بالساج من باب خراسان حتى تجيء إلى قصري ففعل (١).
أخبرنا الحسين بن محمّد بن الحسن المؤدّب قال أخبرني إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم الشطّي بجرجان قال نبأنا أبو إسحاق الهجيمي قال قال أبو العيناء : بلغني أن المنصور جلس يوما فقال للربيع : انظر من بالباب من وفود الملوك فأدخله؟ قال : قلت وافد من قبل ملك الروم. قال : أدخله. فدخل فبينا هو جالس عند أمير المؤمنين ، إذ سمع المنصور صرخة كادت تقلع القصر. فقال : يا ربيع ، ينظر ما هذا؟ قال : ثم سمع صرخة هي أشد من الأولى. فقال : يا ربيع ، ينظر ما هذا؟ قال : ثم سمع صرخة هي أشد من الأوليين. فقال : يا ربيع اخرج بنفسك. قال فخرج ربيع ثم دخل. فقال : يا أمير المؤمنين بقرة قربت لتذبح فغلبت الجازر وخرجت تدور في الأسواق ، فأصغى الرومي إلى الرّبيع يتفهّم ما قال ، ففطن المنصور لإصغاء الرومي. فقال : يا ربيع أفهمه. قال : فأفهمه. فقال الرومي : يا أمير المؤمنين ، إنك بنيت بناء لم يبنه أحد كان قبلك ، وفيه ثلاثة عيوب. قال : وما هي؟ قال : أما أول عيب فيه فبعده عن الماء ولا بد للناس
__________________
(١) انظر الخبر في : المنتظم ، ٨ / ٧٧.