المدينة ؛ لما أصاب البعير ، والدواب ما يصيبها الآن ، من التعب والإنهاك ، ولكانت الرحلة بالخيول ، والبغال أسرع ، وأقل فى الوقت ، والإرهاق. ولقد منح الله سبحانه وتعالى الجمال من القوة ، والصبر ، والتحمل ، ما يجعلها تواصل السير حتى وهى نائمة.
تحركت القافلة على الفور ، وبعد ساعة ، تراءت لنا من قمة عالية ، حدائق المدينة
__________________
وبعد مرحلة مستورة تصل القوافل إلي استراحة (بئر الشيخ) ومن ذات نبع عذب المياه ، وتبعد اثنتى عشرة ساعة عن مستورة.
والمسافرون من بئر الشيخ يصلون إلى قرية (سفرا) التى تبعد عن بئر الشيخ اثنتتى عشرة ساعة. وبين هاتين المرحلتين بئر مشهور يسمى (ابن حصانى).
وإذا كانت قرية صفرا كبيرة حد ما ويقطنها حوالى خمسمائة نفس ، إلا أنهم جميعا ما زالوا يعيشون حياة البداوة.
ومع أن هذه القرية المذكورة تمتلك المياه الجارية والأشجار المتعددة إلا أن معظم مغروساتها محصورة فى أشجار النخيل والليمون والحناء.
وبعد صفرا بثلاث ساعات تقع قرية (حمراء) ، وهى أيضا ذات مياه جارية وأشجار يانعة متعددة. وتنتج هذه القرية أجود أنواع الحناء وزيت البلسان الذى يتكالب عليه الحجاج والمسافرون عند المرور بها.
وأكثر القوافل المسافرة من صفر لا تتوقف فى الحمراء ، بل تواصل سيرها إلى الموقع الموجودة فى مدخل (جديدة) الضيق والمسمى (الحوبه جية). والمسافة بين هذين المنزلين ست ساعات. وتوجد المياه الجارية فى موقع الاستراحة.
وتصل الرحلة بعد (الحوبة جية) إلى (بئر عباس). ويقع بئر عباس على بعد خمس ساعات من المدينة المنورة من جهة (الحوبة جية) ، وعند التوجه إلى هذه المرحلة تمر القوافل من ممر (جديدة). وتوجد قريتان صغيرتان بين هذين المنزلين.
والقوافل المسافرة من بئر عباس تصل إلي (بئر الشربوفى) بعد اثتنى عشرة ساعة ، وهنا لك أيضا بئر مياهه عذبة حلوة.
وبعد التحرك من (بئر الشربوفى) بأربع ساعات ، تصل القوافل إلي موقع (شهدا) ، وهناك أيضا بئر مياهه عذبة مستساغة.
وبين هذا الموقع والمدينة المنورة أربع عشرة ساعة ، وأهالى المدينة المنورة الكرام يستقبلون.
زوار مكة المكرمة وحجاجيها القادمين لزيارة المدينة المنورة فى البستان المسمى (بيار على) الواقع على بعد ساعتين من جهة مكة المكرمة.
وليس من المعتاد توقف المارة من هذه الطرق فى هذه المنازل والبقاء بها ، إنما الأمر حسب رغبة الجمالين الذين بودون التوقف فى كل مرحلة بها آبار للتزود بالمياه. ولا يتوقفون فى الاستراحات التى ليست بها مياه. وعلى أى حال فإن دخول المدينة المنورة فى اليوم السادس من القيام من رابغ يعتبر من العادات القديمة التى تعودت عليها القوافل.
والطريق المذكور قديم بالنسبة للمحامل الشريفة وقوافل الحجاج ، وبالرغم من قلة مياهه ، إلا أن منازله ومطالعه شبه معدومة ، أما الطريق المذكور آنفا فتوجد عليه سلاسل الجبال التي تحيط بجانبيه حتى مرحلة (بئر عباس). ولما كان الطريق يمر ببعض الممرات الضيقة فى أكثر مراحله ، فإن هذا يشجع البعض من عربان قبائل (بنى حرب) على السيطرة عليه من حين لآخر والسطو على أموال القوافل المترددة. وربما وصل الأمر فى بعض الأحيان إلى القتل والسلب معا مما يدفع قوافل الحجاج المسلمين ومواكب الزوار وسائر المسافرين إلى أن يسلكوا الطرق المسماة ب (الفرع وغابر) والتى كان قد افتتحها حضرة السلطان منذ بضع سنين خلت بسبب عمرانها وعدم خطورتها. (المترجم»