أجدب لا ثمر فيه ، وقد دعى عليه الرسول الكريم صلىاللهعليهوسلم لذلك ؛ هو جبل أسود ، مظلم ، لا نور فيه ، ولا زرع. أما حدائق تلك الديار فغزيرة المياه ، وفيرة الثمار ، متعددة الأنواع ؛ فمن الليمون ، واللارنج ، إلى الفواكه الأخرى الفّواحة.
هناك بستان آخر ؛ يقع على طريق الحجاج ، كثيرا ما ترتدنه سيدات المدينة الطاهرات ، العفيفات ، لمشاهدة مواكب الحجاج. وقد طفت ، وتجولت فيه أنا العبد الفقير ، للوقوف على كل ما به من بساتين ورياض.
وبعدها اغتسلت فى حمام عام ، حتى اتخلص من عناء الطريق ، ومشقته ، وعدت إلى خيمتى ، وغيرت ملابس الطريق ، وأحرمت ، ثم خرجت من الخيمة ، متجها نحو قلعة المدينة ، من باب مصر ، وأنا أردد الدعاء العظيم «ربى أدخلنى مدخل صدق .. وأخرجنى مخرج صدق ..» ثم دلفت إلى المسجد النبوى من باب السلام ، ثم بدأت أزحف ، وسط الحشد الغفير ، حتى وصلت إلى المقصورة النبوية فلثمتها ، ثم ركعت على ركبتى محييا ، «السلام عليك يا رسول الله» ، وقد استغرقت فى إبتهالاتى ، وما أن عدت إلى نفسى ، أو عادت إلىّ نفسى ، حتى حاولت أن أشق طريقى ، وسط هذا الزحام المحبب إلى النفس. وعدت إلى خيمتى. وقد أعلن جاويشية الكتيبة عن البقاء يومين فى المدينة.
* * *