هى الكعبة ، وسيأتى إليها سنويا عشرات الألوف من العرب ، والترك ؛ وسنتقاضى من كل قادم مائة قطعة ذهبية. وسأوليكم على التربه».
هكذا إعترف الملاعين. ثم توجهوا بالرجاء. والتوسل إلى نور الدين شهيد معبرين عن ندمهم ، سائلين إياه .. «ـ هل إذا أسلمنا تطلق سراحنا؟» ولكن نور الدين لم يتجاوب مع توسلاتهم ، ولم يخدعه ندمهم ، كما لم يقتنع برغبتهم فى الإسلام حيث أنه يعلم أنهم جبلوا على الكفر ، ولقنوا الملعنة والخداع. فأمر بقتلهم جميعا. ومنذ ذلك التاريخ ، لم يعد يسمح لأى يهودي ، أو نصراني بأن تطأ قدماه النجسة أرض مكة ، والمدينة الطاهرة.
نور الدين شهيد يشرع فى بناء الروضة المطهرة لسيد العالم وفخر الكائنات .. الرسول الكريم :
استقدم نور الدين شهيد أساتذة العمارة ، وأمهر حرفييها ؛ من الشام إلى مكة ؛ والمدينة المنورة ، وجمع من المدينتين المباركتين ، ومن الشام ، وحلب آلاف القناطير من النحاس ، والرصاص ، والحديد ، والقصدير. فى البداية قاموا بهدم القبة التى كانت مشيدة على قبر الرسول الكريم. وتركوا حوله مسافة عشرين ذراعا. ثم أمد بحفر الخنادق التى كان عمق كل منها عشرين ذراعا أيضا ، وعرضها عشرة أذرع. ثم أقام القضبان على جهاته الأربع ، وجعلوها كالشبكة الحديدية ، وأصبح المكان المدفون فيه الجسد الطاهر ، وكأنه صندوق معلق ـ ثم جعلوا الشبكة الحديدية ، وكأنها حوض ، ثم تم صهر النحاس ، والقصدير ، والرصاص ، وصبّ فى هذا الحوض ، حتى تحول إلى كتلة واحدة ، من البرونز ، أو النحاس الأصفر. وهكذا أصبحت الجهات الست ، لمقام الرسول الأمين من البرونز. وبالإضافة إلى ذلك ، فقد أمر بحفر خندق آخر يبدأ من الجدار الذى أقامه الخليفة عثمان بن عفان ، رضى الله عنه ويصل حتى باب جبريل. ومن هناك حتى داخل الجامع ، وغطى هذا الخندق بقفص ، أو شبكة حديدية ، قضبانها فى سمك خصر الإنسان ، حتى أصبح وكأنه سد الإسكندر. كما أقام فوق القبر قبة ذات مقصورة حديدية.
هناك آراء أخرى ، تدعى أن الذين قصدوا التعدى على جثمان النبى الأمين هم الرافضة. ولكن هذا الرأى خطأ تاريخى ، وليس له ما يأكده من الأسانيد ، والبراهين ، وأن هذا التدبير من عمل الكفرة الأسبان.