عنتر حربا ضروس فى هذه القلعة ، ثم انتقلت القلعة إلى أيدى بنى هاشم «الهاشميين» ثم فتحها سيدنا على كرم الله وجهه فى السنة الثالثة للبعثة. وفى غرب المكان حوض كبير تقدر أطرافه بستمائة خطوة ، ولا مثيل لهذه البركة فى طريق الحج ، مياهها تأتي من عين الزرقاء ، وناحية القبلة من هذا الحوض يوجد مسجد منخفض القبة ، على محرابه نقشت العبارة التالية : (أمر السلطان مراد بن السلطان أحمد بإنشاء هذه البركة سنة ١٠٤٨ ، فلتقرأ الفاتحة من أجل رضاء الله ....).
وبالقرب من هذا المكان قرية ، يحضر جميع البدو إليها كل ما يملكون ويبيعونه فى مزاد علنى ، وهى مطروقة من الحجاج ، تحركنا من هنا ، ومضينا سبع ساعات تارة بين الرمال ، وتارة أخرى بين الغابات حتى وصلنا إلى «عسفان». ولم نتوقف ، بل مررنا ، وهكذا بعد أن قضينا إحدى وعشرين ساعة من البركة الجميلة دخلنا إلى قصبة وادى فاطمة.
منزل قصبة وادى فاطمة :
قصبة تقع أسفل سفح ، بها مائتان بيت عربي ، بها جامع على حافة الوادى ، أطرافه محاطة بالأشجار السامقة الطول ، تتدفق مياه عين الزرقاء فى فنائه فقط ثم تختفى. وقد تدفقت مياه عين الزرقاء هذه بين مكة والمدينة على إثر دعوة الرسول الأكرم. فبينما كان النبى الأمين متوجها إلى الشام للتجارة ، كانت عين الزرقاء تتدفق فى طريقه وأينما إتجه ، وهى فى الحقيقة معجزة كبيرة ؛ لإنها تدفقت بناءا على رغبة النبى الكريم ، متخطية الكثير من الجبال ، والصخور ، والصحارى ، وقد قدّم الرسول الكريم صلىاللهعليهوسلم هذه الصحراء كجهاز للسيدة فاطمة ، فى السنة الثانية للهجرة. ومن هنا أخذت هذا الإسم. ويستقر الحجاج الذين يفدون من شتى بقاع الدنيا شهرا فى مكة المكرمة ، فينسون متاعب الطريق ، ومصاعبه. وعشرات الآلاف من الحيوانات الخاصة بالحجاج ، ترعى وتتغذى على أعشاب هذه الصحراء ، ولو تغذى أي حيوان على أعشاب هذه الصحراء عشرة أيام فقط ، فإنه يصبح سمينا ، فوادى فاطمة واد مثمر معطاء.