والمخملية ، والمكونة من شلوار أطلسى ، وعمامات خرطاوية ، وقد أمسكوا فى أيديهم صولجانات فضية ، وكانوا يمرون من بين الصفوف من حين لآخر للإشراف على حسن اصطفاف الجنود.
لقد مر موكب الباشا ، وآغواته ، وبعد ذلك اختلط الجنود المصرية والشامية ببعضهم ، وأطلقت الفشنكات فرحا ، وإبتهاجا ، وضجت كل النواحى بأصوات البنادق ، التى انطلقت فى كل مكان.
وبعد أن عبر الموكب مطلعا ، ترائى للجميع آعيان مكة ، وأشرافها ، ومواكب الشريف سعد شخصيا برجاله الحفاة ، العراة ، الرؤوس ، وقد وقفوا على يمين الطريق للتحية بملابسهم البيضاء ، ولم يضعوا على رؤوسهم عماماتهم الخضراء.
فيحكى أنه عندما كان قايتباى سلطانا على مصر حضرت شقيقته إلى مكة ، ولكن شريفها لم يسمح لها بالزيارة ، والطواف ما لم يأخذ ثلاثة آلاف دينار ذهبى ، كما تقاضى من كل حاج عند الطواف مائة دينار. وعند عودة شقيقة قايتباى ، أراد مقابلتها ، ولكنها رفضت اللقاء معه ، ولما سألوا عن السبب قالوا :
(آلا تخاف من السلطان قايتباى .. حتى تطلب من شقيقته ثلاثة آلاف دينار؟ فقال هو بدوره ـ إن كان قايتباى قادرا ، فليحضر بعشرة آلاف فارس ، وليسترد هذه النقود إن استطاع. وما كان من شقيقة قايتباى إلا أن قطعت على نفسها عهدا آلا تكلم آخاها ما لم ينتقم لها منه).
وعلى الفور أعد قايتباى إثنى عشر ألف فارس ، وسار بهم نحو مكة. وقبض على كل الآشراف ، واسترد أموال الحجاج ، وبعث بسبعمائة شريف إلى مصر ، ومنعهم من «لبس العمامة الخضراء ، أو ركوب خيول لها ذيول ، أو إرتداء أى نوع من الآخذية. بل عليهم أن يمتطوها ، وهم حفاة الأقدام ، وألجمتها من الحبال العادية». واستبقى ثلاثة أشراف فقط فى مكة ؛ أحدهما الشريف الكبير ، والثانى شريف الميمنه ، والثالث شريف الميسرة. وهكذا ، وفى مكان العرض المتواضع رأيت بنفسى الأشراف ، والمكيين على هذا المنوال السابق شرحه. وفى هذا العرض كان يوجد الدراويش الزيديين. وحوالى مائتين من جنود الشريف العراة.