جنود الشام ، وتجمعوا فى سنتنا هذه ، وإنتقموا من الآشراف لحجاج المسلمين ، وأخذوا بثأر القائد العثمانى الذى قتلوه .. وفر الشريف سعد. ونصّب مكانه الشريف بركات شريفا .. وسعدت مدينة مكة بذلك ، وساد الأمن والسكون جملة الحجاج ، والمجاورين ، وضيوف الرحمن ، أما الثلاثة آلاف جندى المصريين ؛ فقد بقي نصفهم فى جده والنصف الآخر ظلوا فى مكة المكرمة بكل ما يلزمهم من مأكولات ، ومشروبات ومعهم ست قطع من المدفعية الشاهانية ، بكل تجهيزاتها ومعداتها الكاملة ، وذخيرتها ، وظلوا لحراسة بيت الله الحرام ، والحفاظ عليه .. كما كانوا يمكثون طوال وقتهم وعمارة المدارس الواقعة على جوانب الحرم الأربعة .. كما تحصنوا بسطوح المبانى ، والمدارس حول الحرم .. بحيث صار فوق الأسطح ما يوازى نفرا ، أو نفرين للحفاظ على كل بدن يدخل الحرم. وتحول الحرم الشريف كالقلعة ، بالرغم من أن هناك قلعة عظيمة فى وسط مدينة مكة المعظمة. ولو كان بها مدافع لصارت قلعة مستحكمة تماما.
من المعروف أن الحرم الشريف فى السابق كان صغيرا ، ومتواضعا جدا ولكن تم توسيعه بما توالى عليه من الآعمال الخيرية لبعض السلاطين السابقين ؛ وأصبح الحرم الشريف واسعا جدا .. ولكن فى سنة ٩٥٩ ه ، ذات ليلة رأى السلطان سليمان عليه الرحمة والغفران حضرة رسول البشرية (صلىاللهعليهوسلم) فى المنام .. وخاطبه الرسول الكريم متفضلا : (يا سليمان .. سينعم الله عليك بفتح بلجراد ورودس وألف وسبعمائة وأربعين من القلاع الصغيرة والكبيرة ، وتوسّع دولة آل عثمان .. فإنهض .. وبأموال هذه الغزوات وغنائمها ، أقم قلعة متينة في القدس الشريف ، ورباطا حصينا ، في مدينتي المنورة هذه .. وانشأ حول كعبة بيت الله الحرام من جوانبه الأربعة حصارا منيفا .. إجعله فسيحا مبنيا على المتانة ..) .. استيقظ سليمان من نومه فورا .. واستبشر بفتح هذه القلاع .. وبأمر الله تيسر له فتح القلاع الحصينة .. ومن أموال الغنائم ؛ بنى قلعة فى كل من القدس الشريف ، وطيبة الطيبة. وبعدها صرف عشرة أمثال أموال خزينة مصر .. وأقام المبانى العظيمة حول الحرم بحيث أصبحت كالقلعة المنيفة .. وسنبيّن على قدر الإمكان جميع التواريخ للمبانى التى تمت.