آوصاف العمارات الخيرية فى
مكة المكرمة ، وعيون المياه والأسبلة
الموجودة فى مدينة الميعاد أي مكة المكرمة
ليكن معلوما للإخوة الذين يتحلون برداء الوفاء أن مدينة مكة المكرمة أرض يابسه محصورة بين سبعة جبال صخرية ، ولهذا فليس من الممكن أن يكون آهالى مكة من أصحاب الثراء اعتمادا على مقومات الأرض ذاتها .. وما أن تنتهى مراسم الحج حتى يعود الحجاج كل إلى وطنه. وحتى فى زمن خلافة سيدنا عمر رضى الله عنه ، بعد أداء الحج جعل المنادين ينادون فى الناس ، لمن يريد أن يكون مجاورا فى المدينة المقدسة لا بد وأن يكون له نفع للمدينة. ولذلك فإن كثير من الحجاج من شتى الدول لم يقم في المدينة .. ولم يتمكن أحد من ذلك إلا فى زمن خلافة هارون الرشيد ـ من العباسيين ـ فإن الكثيرين من أهل بيت زبيدة زوجته ، بعد أن أتموا فريضة الحج ظلوا بالمدينة وظلوا مع عساكرهم مجاورين بها .. وكانت هناك عيون جارية ، فى الجبل المحصور بين جبل عباس ، وجبل أبطح ، ويقع فيما بين فى الجهة الشرقية والشمالية من جبل عرفات ، ويسمونه جبل مهيب .. وكانت تكثر فيه العيون الجارية ، فأجرت منه السيدة زبيدة المياه ، بعد أن قام الكثير من أمهر العمال ، والفرهاديين (١) بحفر الأنفاق والوديان ، ونقب الجبل ، فجرت فيه العيون الكثيره ، وبحيث تتجمع فى مكان واحد ، وبناءا على علم الهندسة ، جمّعت المياه فى هذا المنخفض ، ثم أجريت عبر العديد من الممرات حتى وصلت إلى جبل عرفات. وهناك بنوا بركتين عظيمتين لتجميع المياه .. وأجروا منهما المياه إلى جميع مشاعر الحرم وبالقرب من منى أقاموا بركة كبيرة أيضا .. ومياهها تجرى داخل سوق منى ، عابرة من المكان المسمى «مسجد البيعة». وأحدثوا فى الأبطح بركتين كبيرتين. وإلى جانب مياههما الجارية ، أقاموا أيضا داخل مدينة مكة بركتين عظيمتين. ومليئتا هما أيضا بالمياه .. هذه العيون تجرى مياهها العذبة الزلال داخل مدينة مكة ، وتدفع عطش أهل مكة
__________________
(١) الفرهاديين : نسبة إلى فرهاد صاحب الأسطورة الفارسية المشهوره باسم «فرهاد وشيرين». والتى حفر فيها فرهاد ممرا فى الجبل لكي يسير فيه اللبن لتشرب منه المحبوبة ، ولما انتهى منه علم بخبر زواج المحبوبة ، فألقى بالفأس الذى كان يحفر به الجبل إلى أعلى ، فسقط فوق رأسه ومات شهيد الحب» ، المترجم