فيها المياه. ومن الثابت أن عيون المياه ، وينابيع الحياة التى تجرى فى كل الخانات ، والحمامات ، والمساجد ، والأسبلة ، والبرك كلها من خيرات السلطان سليمان خان .. كما أن خيرات المعمار سنان ، وصوقوللى محمد پاشا ، وخاصكية سلطان ، وسائر السلف الصالح من الملوك والسلاطين تمتد ، وتنتشر فيما بين مكة وعرفات ؛ وأن جميع هذه العيون ، والأسبلة ، والينابيع تستمد مياهها من نهر عرفات.
وبالقرب من جبل عمر هناك چشم ـ عين ـ سبيل السلطان سليمان خان. ينزل إليه بسلالم مكونة من ثلاثين سلّمة حجرية. عين فيها الماء سلسبيلا ولكنها خربت بمرور الآيام. وفى حوالى سبعين مكانا من السرايات والقصور العالية آبار ، وعيون ذات صهاريج تستقى مياهها من العيون السابقة ، وكلها مبذولة المياه فى أوقات الحر والقيظ. ومياهها عذبة صالحة للشرب. وفى سبعمائة دار من دور مكة وخاناتها آبار مياه عذبة تمنح الحياة لطالبيها .. لأن مدينة مكة تقع فى واد غير ذى زرع إلا أن مياهها بهذه العيون والأسبلة ، والأبار كثيرة .. ولكنها جميعها ليست عذبة ولذيذة. وكان من الممكن أن تغمر المدينة كلها بمياه زمزم العذبة اللذيذة .. ولكن لحكمة إلاهية ، فإن لكل بئر ، وعين منها طعمه الخاص به ، وجعل لبئر زمزم خاصيته ، وميزته الخاصة به حتى يجعله معجزة سيدنا اسماعيل ؛ فلا مثيل لماء زمزم فى خواصه ، وأوصافه .. وعيون كل المسلمين معلقة به.
إن داخل مدينة مكة يحتوى على بركتين عظيمتين .. وكل واحدة منهما وكأنها خليج متلاطم الأمواج .. يستقى منهما ـ لآلاف المرات ـ آهل مكة ، وحجاجها السبعين ألفا ، ومئات الألاف من دوابها الكثيرة .. أحدهما هى البركة المصرية ومحيطها ثمانى مائة خطوة ، وعمقها ثمانية باعات. أما البركة الشامية ؛ فمحيطها خمسمائة خطوة ، وبعمق إثنين وعشرين ذراعا. وفي ناحيتها الشمالية ، بستان نخل طيب ، ينتهى ببناء لطيف ، ويجعل منه وكأنه منتزه ظريف يستحب السير ، والتنزه فيه. كما أن به أشجارا لا شبيه لها .. وفيما بين البركة المصرية ، والبركة الشامية هاتين يوجد أربعون مقهى .. وكل واحدة منها مشحونة بخلائق البشر ، ففى كل واحدة ما لا يقل عن ألف أو ألفين من الفلاحين .. ولكن هذه المقاهى ليست أبنية مصنّعة ، بل هى مبانى عادية .. مبنية من الآخشاب كالاكواخ ، ومفروشة