وفى مقابل ذلك قام سعادة الپاشا بتسليم كتخدا الشريف مجموعة من الزمزميات التى لم نر لها مثيلا .. وقال للمعتمد ، وهو يتسلم منه هذه الهدايا ؛ إننا لسنا فى حاجة إلى أمتعة ، ومتاع الشريف بل نحن فى حاجة إلى خدمات حضرته .. ونريد منه الاستقامة فى القصر .. ولما كنت أنا ممثل السلطان .. فالمطلوب منه أن يرسل إليّ على الفور مفاتيح الكعبة الشريفة .. وإلا فنحن لسنا فى حاجة إلى متاعه ، أو هداياه .. وما أن وصل معتمد الشريف ، ووكيله واسمعه ما سمع ، ونقل إليه ما دار ، وما رأى ... حتى قال الشريف (الأمر أمركم) وعلى الفور قام بوضع مفتاح البيت الحرام المجوهر فى ظرف من السندس والحرير الأخضر .. وقام بتسليمه لتوصيله إلى حضرة الباشا فورا. فقام الباشا بإلباس كتخدا الشريف ، وقائد البولكات السبعة المصرية ، الخلع القيمّة. وأحسن على الشريف بمعطف من فراء السمّور الفاخر .. وقبل الهدايا التى بعث بها الشريف. فقام المنادون على الفور بإعلان جلوس الشريف ، وتسليمه مفاتيح الكعبة المشرفة لتسلم إلى السلطان ... وبعدها شرع جناب الباشا فى التحرك ناحية المدينة المنورة. وقد أحسن بدوره على العبد الحقير بالكثير من الهدايا التى وصلته .. وقد قمت أنا بدورى باحضار العطايا ، والهدايا الكثيرة التى وصلت إلىّ من الآشراف ، والآعيان مع بقية حاجياتى إلى جده وتوجهت إلى زيارة حضرة أمنا حواء.
* * *
اوصاف منازل ومراحل بندر جده :
أولا ؛ أركبنا أربعة من الغلمان على البغال الهجين التى آهداها إلىّ حضرة الشريف مع الهدايا .. وسرنا إلى خارج مدينة مكة المكرمة .. ولم نسترح إلا فى مسجد الشيخ محمود ذى القبة الواحدة .. فى خارج مدينة مكة. ويقع هذا المسجد فى الناحية الجنوبية لمدينة مكة .. قبة المسجد ليست مرتفعة .. وحوله ما يقرب من مائتي منزل فقير وبعض المساجد ، وبساتين النخيل الاخرى. عبرنا هذه المرحلة واتجهنا ناحية الجنوب ، واستمر سيدنا .. وبحثنا عن مكان للإستراحة فيما بين المقاهي الواقعة على الطريق الرئيسي .. ووقفنا فى إحداها .. وجميعها يوجد فيها