لإنه ميناء عظيم. والقلعة على شفة القلزم محيطها دائرا ما دار ألفين خطوة شداد ؛ بناء متين ، ثرية البنيان وعلى الطرف الجنوبي لهذه القلعة ، وعلى شاطئ بحر القلزم أيضا ، قلعة داخلية ؛ وهى متصلة بالقلعة الكبيرة الرئيسية. محيطها الدائرى ستمائة خطوة. وهى أيضا من المباني الصخرية. وقائد جده ، وجميع جنوده يسكنون فى هذه القلعة الداخلية. بابها مكشوف على ناحية قلعة اليمن. كما أن لها باب مطل على ناحية الشرق. ولها بوابتان كبيرتان .. باب كل منهما مكون من ضلفتين. إحداهما بوابة مكة ، وتطل على البحر ، قائدها من قباطنة مصر ، يحمل طوغا ، أو طوغين معه ثلاثمائة رجل من رجال البحرية. وهى قضاء مخصصاته مائة وخمسين آقچة ، ويحصل قاضيها على ألفين قرشا سنويا. ولكن ينعم ، ويحسن على مشايخ مكة بما يعتبر علوفه ، ومحكمتها وسط القلعة ، بها ثلاثمائة دكانا ما بين صغير وكبير. لها خان كبير على شاطئ البحر وكأنه قلعة منيفة. من مآثر بقلاچى محمد بك المعمارية. يمد القلعة بالكثير. تحته الكثير من المخازن ، والعنابر ، والدكاكين .. وعداه هناك سبعة خانات آخرى ، وكلها مملوءة بالآشياء ذات القيمة. ولكن ليس بها حمامات ، أو عمائر خيرية ، أو مدارس. فالجميع يذهب إلى البحر ويغتسل فيه. تعتمد على مياه الرحمة ـ المطر ، لذا فمياهها قليلة. بها جامعين كبيرين ، جماعتهما غفيرة ؛ أحدهما قريب من الجمارك وعلى شاطئ البحر ، وهو جامع من الطراز القديم ، ذو منارة واحدة. يتقاضى المؤذنون ، والأئمة مخصصاتهم من الجمارك. والجامع الآخر فى الضواحى وهذا الجامع هو المفيد المختصر أو المختصر المفيد .. وعدا هذين الجامعين فالباقي كلها مساجد .. ويقال آن مياهها كانت جارية فى الأزمنة السابقة. وكانت حينذاك عامرة ، ذات حدائق غناء ، وكأنها باغ إرم. وبعد ذلك تخربت مجارى المياه نتيجة منازعات الآشراف ، من ناحية ، ومن ناحية آخرى حتى لا يمكنوا الروم ـ الأتراك ، من التوطن بها ، والتغلب عليها وهناك حي يسمى «جده» تنساب فيه مياه ثلاث سواقي فتكفيه. والغريب فيها ما أن تجرى على ترابها المياه حتى تغيب. ومن الممكن تسيير المياه فى جده بجهد يسير .. ولو تم ذلك لكانت جده بندرا للفرجة ، والمشاهدة. وقد قمنا نحن أيضا بالفرجة ، والسير والمشاهدة.