ولما كانت أمتعتنا المرسلة من مكة المكرمة قد وصلت ، فقمنا بوضعها فى سفينة الريس ـ القبطان فنجانجى رئيس ووضعت عشرة أجولة من البن فى فرقاطه القبطان حسن رئيس وخمسة أجولة فى مركب النائب مع اثنين من الطواشية وواحد من مماليكنا .. وبعد أن وضعنا باقي الأمتعة فى السفن .. توكلنا على الله وودعت آخى في الرضاعة چلبي ، وحاكم جده بقلاجى محمد بك ؛ وتوجهت عائدا إلى مكة المكرمة مع ثلاثة من الغلمان .. وطوال الطريق وآنا أترنم بتلاوة القرآن العظيم .. وبعد ثمان ساعات متصلة ، وصلنا إلى مكة المكرمة.
فى ذلك اليوم كان الحجاج مستعدون للإتجاه لزيارة المسجد النبوي الشريف ، والسلام على رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم. وقمت أنا العبد الحقير بدورى ، واستأذنت من أفندينا حسين پاشا فى مرافقة حجاج مصر .. فأحسن إلي بمائة فيلورى ، وسبع جمال ، وسلمنى خطابات إلى وزير مصر كتخدا ابراهيم باشا. وقام بالتنبيه ، والتأكيد على كل من اوزبك بك وقائد الانكشارية اراهيم آغا القيصري ، وجاووش الشريف ، وكتخدا الآعتاب السنية برونسز آحمد آغا بضرورة توصيلى إلى الپاشا المشار إليه ، فتشرفت بتقبيل آياديه الكريمة ، ونلت دعواته الخيّرة ، وودعته. وتلوت هذا الدعاء الطيب :
(اللهم لا تجعله آخر العهد ببيتك الحرام ، وإن جعلته فعوضنى عنه الجنة يا أرحم الراحمين). وأتممت طواف الوداع على النحو السابق سبعا .. وشربت من ماء زمزم مودعا ، وتراجعت مرددا الوداع ، الوداع يا بيت الله الوداع .. وخرجت من الصفا .. وسعيت بين الصفا ، والمروة على النسق السابق سبعا كسعي وداع. وعلى هذا المنوال تمت سياحة العبد الحقير إلى بيت الله الحرام سنة الف واثنين وثمانين من الهجرة النبوية .. وبها أسقطت فريضة الحج التى تمثل ركنا من أركان الإسلام. وأتممت نسك طواف الزيارة ... ولقد حرصت كل الحرص على أن أسجل مناسك الحج المتفق عليها من كل الأئمة .. وراعيت التيسير .. والتركيز على ما فرض الله ورسوله .. وتمنيت على الله أن يكون ذلك صحيحا .. والله ورسوله أعلم. وزدت على ذلك تطوعا ، من حبى وشوقي .. ودعوت للوالدين ، ولمشايخنا ، واساتذتنا .. ولكل ذوى القربى والأحبة .. ولكل من سألنا الدعاء ...