ولما دخلت مصر ، وسوريا تحت النفوذ العثماني ، أخذ العثمانيون على عاتقهم المحافظة علي الأوقاف المملوكية التي كانت وقفا علي الحجاز ، وحافظوا على إرسال الصرة المصرية بكل عاداتها ، ومراسمها ، وطبّقوها كما هي .. وأضافوا عليها بعض التحسينات ؛ فقد زاد السلطان سليمان القانونى» (١٤٩٥ ـ ١٥٦٦ م ـ ٩٠٠ ـ ٩٧٤ ه) مقدار الصرة التي كانت تبعث من مصر. كما جعل «صدقات الجوالي» أي معظم الجزية التى كانت تؤخذ من غير المسلمين مخصصة لآهالى الحرمين (١).
وكانت الصرة التي ترسل من مصر لآهالي الحرمين الشريفين ، والصدقات والغلال ، والظهيرة ، والدشيشة ، تؤمن من الأوقاف الخيرة الموقوفة على الحرمين الشريفين فى مصر. وكانت القرى المصرية الموقوفة على الحرمين الشريفين تسمى فى مصر «قرى الدشيشة» (٢).
كما كانت الصرة تخرج فى استانبول كل عام وسط احتفال مهيب ، يتقبل فيها أمين الصرة الأوامر من السلطان ، ويتقبل الهدايا ، والعطايا المرسلة من الأمراء ، والأميرات ، والوزراء ، ورجالات الدولة ، والأثرياء ، ويتحرك موكب القافلة ، وسط حراسة مشددة من القوات المخصصة والمرافقة للموكب بمجرد أن يسلم السلطان مقود جمل المحمل إلى أمير القافلة ... وقد فصل الرحالة آوليا چلبي فى رحلته القول عن هذه المراسم.
* * *
__________________
(١) آوليا چلبي سياحتنامه س ج ١ ، ص ١٦١.
(٢) وصلت الكميات المرسلة من مصر من هذه الظهيرة سنة ٩٧٤ ه ـ ١٥٦٦ م ، ٩٧٧ ه ـ ١٥٦٩ م ستة آلاف أردب من القمح ، وحسب سجلات دفاتر الديوان المصرى بلغت ١٩١٦١ أردبا أى ما يقرب من واحد ونصف مليون كجم. وكانت هذه الكميات تنقل بالسفن. وكان الأهالى يطلقون على الشوربة التى تسوى في المدينتين الشريفتين من البولغر مسمى «الدشيشة». انظر ، امراء مكة المكرمة ص ١٥) المترجم.