سكان الحرمين الشريفين. وتنتقل المصادر مباشرة بعد ذلك إلي ابنه بايزيد الثاني الذي خصص نصف الصرة إلي المدينة المنورة والنصف الآخر إلى مكة المكرمة ، وكانت فى مجموعها تبلغ أربع عشرة ألف دوقة ذهبية (١). وكان لا بد وأن تصل هذه الصرة إلى مكة المكرمة فى العيد الأضحى. (٢).
وضاعف السلطان سليم الأول الصرة التى كان يبعث بها والده ، وعقب دخوله إلى مصر ، واستقرار الأمور بها أرسل إلى كل من آشراف مكة خمسمائة دوقة ذهبية ، وإلى كل شيخ من مشايخها ست سكات ذهبية. وإلى كل واحد من اعيان المدينة ثلاث دوقات ذهبية ، وتم إحصاء الفقراء الذين خرجوا إلى خارج مكة ، ومنح لكل منهم دوقة. بحيث وصل مجموع المبالغ التى تم توزيعها. مائتي ألف دوقة ذهبية. هذا عدا الظهيرة التى أرسلت مع الصرة. وكان أول أمين للصرة يعيّن من قبل سليم الأول سنة (٩٢٣ ه ـ ١٥١٧ م) هو الأمير مصلح الدين ، وقد أشرف بنفسه ، ومعه قاضيان مصريان على توزيع الصرة على مستحقيها فى كل من المدينتين المقدستين (٣).
واعتاد العثمانيون ارسال هذه الصرة سنويا إلى اهالى الحرمين الشريفين ، وقد أطلق عليها الأهالي «الصدقات الرومية» (٤).
__________________
(١) الدوقة : Dika Duka عملة كانت تستخدم فى البندقية وفرنسا ، وتسك من الذهب ، والفضة وكانت هى الأكثر رواجا بين التجار الذين يجوبون الديار العثمانية بالرغم من وجود وتداول العملات التى كان يسكها السلاطين العثمانيين. وكان السلطان اورخان هو أول من سك عملة معدنية عثمانية ، وكتب على أحد وجهيها (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وعلى الوجه الآخر (اورخان خلد الله ملكه). وحرص بعده كل سلطان أن يضرب لنفسه عملة خاصة به .. (المترجم).
(٢) كانت الصرة التى يرسلها بايزيد الثانى كل سنة لتوزع على آهالي الحرمين الشريفين قد نالت استحسان شاعر البطحاء العربي الشيخ شهاب الدين ابن أحمد بن علي المتوفى (٩٢٢ ه ـ ١٥١٦ م) فقرض قصيدة فى مدح السلطان اسماها (الدر المنظوم فى مناقب السلطان بايزيد ملك الروم) وقدمها إلى السلطان عندما قدم الشاعر إلى استانبول ، ماستحسنها السلطان ، وأنعم على الشاعر بألف دينار ، وكان يرسل إليه سنويا مائة دينار انظر قرآت مكة ، مجلد ٢ ص ٦٧٠ ـ ٦٧١). المترجم.
(٣) وقد جاء فى تاج التواريخ ج ٢ ، ص ٣٧١ ، وفى هامر ج ٤ ص ٢٣٦ ، أن السلطان سليم الأول قد خصص لمكة خمسة آلاف أردب ، وإلى المدينة ألفين من الظهيرة ، وكانت هذه الكمية تزاد وفقا لزيادة نفوس هاتين المدينتين الشريفتين ، حتى وصلت الكمية الى ١٢ ألف أردب إلى مكة ، وثمانية آلاف أردب إلى المدينة وذلك فى منتصف القرن العشرين ، وأنها كانت ترسل من أوقاف مصر. انظر امراء مكة المكرمة ص ١٤.
(٤) أ. د. إسماعيل حقى اوظون چارشيلى ، مكة مكرمة اميرلرى ؛ أنقره ١٩٧٢ م ص ١٤.