البراءات المؤيدة لذلك. حتى أن السلطان مراد الثاني (١٤٢١ ـ ١٤٥١ م) كان يسلم بيديه سنويا ألف فيلورى ذهبا لآل بيت النبي صلىاللهعليهوسلم في كل مدينة ، أو قصبة. وقد ظلت هذه عادة متبعة لدي بعض السلاطين ، يراعونها ، ولا يتخلفون عن الوفاء بها.
ولم يغب سكان مكة والمدينة عن بال السلاطين العثمانيين ، فكان السلطان يلديريم بايزيد (١٣٨٩ ـ ١٤٠٢ م ـ ٧٩٢ ـ ٨٠٥ ه) وإبنه السلطان محمد چلبي من أوائل من أرسلوا الصرة (١) إلي أهل الحجاز. وبعد ذلك قام السلطان مراد الثاني ـ طوال مدة حكمه ـ بإرسال صرة نقدية تبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة فيلورى. ذهبا إلي كل من مكة المكرمة ، والمدينة المنورة ، والقدس الشريف ، وخليل الرحمن. وكانت الصرة التي أرسلت في سنة (٨٥٥ ه ـ ١٤٥١ م) مقدارها ٨٠١ كيسة ذهبية (٢). كما أن نفس السلطان قد أوقف حاصلات قرى منطقة «باليق حصارى» أي قلعة باليق من آعمال آنقره علي مكة المكرمة (٣) ، وكذلك أوقف في وصيته المؤرخة بآواخر رجب سنة ٨٥٠ ه ـ سبتمبر سنة ١٤٤٦ م مبلغا وقدره ٣٥٠٠ ثلاثة آلاف وخمسمائة فيلورى ذهبا (٤) ؛ لكل من مكة ، والمدينة ، ولكي يوزع هذا المبلغ على فقراء المدينتين .. (٥).
ولا تحتوى السجلات المهتمة بالأمر ، على السنوات التى أعقبت فتح استانبول ؛ ففي نفس سنة الفتح ، وعدا هدايا الفتح ، أرسل السلطان محمد الفاتح الصرة إلى
__________________
(١) الصرة : «سنفصل عنها القول فى المتن بعد قليل». وسيكون عنها هامش عند الترجمة (المترجم).
(٢) الكيسة : مصطلح مالى ، يدل على الحافظة التى كانت توضع فيها النقود الذهبيه ، أو الفضيه. وكانت تتغير قيمتها من عصر إلى عصر آخر كان يطلق على العملة التى توضع فى الكيسه إسم الأقچة. وحتى عصر الفاتح كان الفيلورى الذهبى يساوى أربعين آقچة. أول الأمر كان الكيس يساوى ٣٠ ألف أقچة أو ١٠ آلاف دينار ذهب ثم بدأت القيمه تتغير وفقا للوضع السياسى والاقتصادى للبلاد. (المترجم).
(٣) عاشق باشا زاده تاريخى ؛ ص ١٩٦.
(٤) الفيلورى ؛ Filori ـ ـ ـ ـ Flori ـ ـ ـ ـ ـ Florin عملة أوروبية سادت لفترات كبيرة فى الدولة العثمانية وكانت قيمتها ذهبية ، وضربت أول الأمر فى فلورنسا فى القرن الحادي عشر الميلادى ، ولقيت رواجا كبيرا فى كل دول أوروبا. كانت عبارة عن درهم واحد قيمته أربعون آقچة ـ «بيضة» ووزنها قيراط. وقد عرفت طريقها إلى الدولة العثمانية منذ عهد محمد الفاتح (١٤٥١ ـ ١٤٨١ م ـ ٨٥٥ ـ ٨٨٦ ه). وكان قيمة الدرهم منها ٤٧ قرشا و ٣٠ پاره ، وقد عرفته البلاد العربية ، وخاصة فى موسم الحج. انظر ؛ عثمانلى تاريخى ـ د. / الصفصافى أحمد ؛ تأصيل مسميات السكة العثمانية المستعملة فى الجزيرة العربية إبان العهد العثمانى ، ..) المترجم.
(٥) مكة مكرمة أميرلرى. مرجع سبق ذكره ، ص ١٣ هامش ٦.