كان مجيئ الشريف أبو نمي بن بركات إلى مصر فى اليوم الثالث عشر من شهر جمادي الآخر سنة (٩٢٣ ه ـ اغسطس ١٥١٧ م) ، فأمر السلطان بحسن استقبال الشريف ، واستضافة في المكان المخصص له (١) وفي السادس عشر من الشهر المذكور حضر أبو نمي إلي مقر إقامة السلطان لتقديم مفاتيح الكعبة والهدايا التى أحضرها معه ، وأخذ مجلسه هو ومن معه ، واستمع إلى ما يدور فى الديوان ، وما أن أنتهت أعمال الديوان ، حتى استقبل السلطان الشريف وسط حفاوة بالغة ، ثم ودّعه فى موكب لكي يذهب الشريف إلى مقر إقامته ، واستقبله السلطان مرة آخرى في الثاني والعشرين من نفس الشهر وألبسه الخلعة فقبل الشريف يده ، وودعه.
ويذكر ابن اياس أنه [فى يوم الخميس ، الرابع من شهر رجب خرج إلى السفر ابن السّيد الشريف بركات أمير مكة ، فتوجه إلى وطاقه بالريدانية فكان له موكب حافل ، وأخلع عليه قفطان تماسيح مذهبا ، وقدّامه الرماة بالنفط ، وخرج في صحبته غالب الحجازيين الذين كانوا بالقاهرة ، وقد نادى لهم السلطان بأن الحجازيين الذين بالقاهرة تخرج فى صحبته ، وأشيع ان السلطان سليم شاه كتب مراسيم للسيد الشريف بركات أمير مكة بأن يكون عوضا عن الباش ـ (الباشا) الذى كان بها .. وجعله هو المتصرف فى أمر مكة قاطبة ، واضاف له نظر الحسبة بمكة ايضا ، وأنصفه غاية الإنصاف ، فتزايدت عظمة الشريف بركات إلي الغاية ، وأكرم ولده غاية الإكرام ..](٢).
وهكذا ، يتضح أن أبا نمي قد أحسن استقباله ، ووداعه ، وأنه عند عودته إلى
__________________
(١) يذكر حيدر چلبي فى روزنامته أن «وصل الشريف أبو نمي ابن الشريف بركات أمير مكة المكرمة فى الثالث عشر من جمادي الآخر سنة (٩٢٣ ه ـ آغسطس ١٥١٧ م). وأمر الآغوات باستقباله وفى السادس عشر من الشهر المذكور حضر الشريف أبو نمي المذكور إلى الديوان ، وقد شرف بطلعته النورانية ، وكان الصدر الأعظم يونس باشا قد أعد مجلسا فى المابين وجلس على مقعده مع قضاة العسكر ، ووصل السفير عرّار الذى هو ابن عمه ، فجلس على الكرسي المواجهه ، وبعده عقد الديوان على الترتيب ـ وتشرف الشريف بمقابلة الخداوند كار ، فإنسحب علية القوم ، ومن تبقى من آغوات البلوكات ذهبوا إلى دوائرهم ، ومدت الولائم اليومية بدون أي تقصير بحيث كان يقدم يوميا من الخراف ثلاثين ، وفى اليوم الثاني والعشرين ، خلع عليه السلطان ، وقام الشريف نمي المذكور وقبل يد الخداوند كار ؛ انظر «منشآت زيدون ج ١ ص ٤٣٩ ، طبع تقويم خان ، سنة ١٢٦٤ ، بينما ابن إياس يظهر تاريخ المقابلة سابقا على التاريخ الذى ذكره حيدر چلبي بيوم واحد). (المترجم).
(٢) محمد بن أحمد إياس الحنفى ، بدائع الزهور فى وقائع الدهور ، تحقيق محمد مصطفى ج ٥ ، القاهرة ١٣٨ ه ـ ١٩٦١ م ص ١٩٣.