وأثرياءهما ، يإغراق الحجاج بخيراتهم مما لذ ، وطاب أكله. وقد شيدها نور الدين شهيد ولكنها تهدمت مع مرور الزمن ، ولكن بناءا على فرمان السلطان محمد الرابع (١) قام ناشف أوغلى بتجديدها ؛ محيطها أربعمائة خطوة. وعلى بابها تأريخ مكتوب نصه : «فى أيام مولانا السلطان محمد خان ابن إبراهيم خان مد ظله قام أمين دفتر دمشق ناشف زاده محمد الفقير سنة ١٠٦٢ بتعميره ..».
يوجد بها مدافع ، ومدفعجيّة ، وقوة من انكشارية الشام. تحتوي على جامع ، وحمام ، وعين ماء ، كما أن هناك نبع كبير فى غرب القلعة ؛ وهو من مآثر الرسول الكريم. ومعجزاته ، فمما يروى فى هذا الصدد أن الرسول صلىاللهعليهوسلم بينما كان يمر من هنا التجار قبل البعثة لم يعطهم أهل هذه المنطقة ما يسد رمقهم ، أو يذهب عطشهم. فقال ركب القافلة .. «يا محمد إن هؤلاء القوم لن يساعدوك ، ولن يعطوك تمرا ..» فما كان منه صلىاللهعليهوسلم إلا أن تفضل بالقول .. «فليكن نخلهم مثلهم عاصيا مجدبا غير مثمر ...» ولهذا فإن نخيل هذه المنطقة مجدب ، غير مثمر ، وجريده ، وآغصانه لا تجدى ، ولا يتأت منه أي نفع. توسل الآهلين إلى الرسول الكريم آنذاك قائلين «.. نحن أخطأنا وأنت أكرم من أن تعاملنا بمثل أفعالنا .. فلا ماء عندنا فادعو لنا دعاء الرحمة ...» فقام الرسول الكريم بحفر الأرض بيديه الكريمة ، فخرج منها ماء عذب متدفق. ما زال يروى الحدائق ، والبساتين ، ويملأ الآبار ، والعيون التى بداخل القلعة. وما زال الحجيج يغتنم منها ما يكفيهم تاركين ما يزيد عن حاجتهم ..
خرجنا فى هذه الليلة المظلمة على أضواء المشاعل ، وكانت تحيط بالقافلة قوة عسكرية ، مسلحة تحرسها. واستمرت فى السير سبع ساعات حتى وصلت إلى موقف «المقابر».
منزل المقابر :
كانت مدينة كبيرة فى زمانها ، ولكنها الآن أطلال خربة ، مدفون بها «آصف برهيا» وزير سيدنا سليمان ، على بعد نصف ساعة من الطريق ، ويبدو أنها من عمل العمالقة ، فقبتها عبارة عن صخرة واحدة وبرهيا هذا هو الذى أحضر بلقيس من مدينة سبأ.