جنوب هذا المكان ، وإن كانت مياهة تميل إلى الملوحة بعض الشئ ، وبعد ذلك عبرنا صحراء جرداء لمدة ست عشرة ساعة حتى وصلنا إلى قلعة نبع النبى ...
قلعة نبع النبى :
بناها معاوية سنة ٥٦ ه ، وبالقلعة قوة قوامها مائتى نفر على رأسهم چورباجى من قوة انكشارية الشام. داخل القلعة مائتى حجرة ، ومسجدا وحماما. وكان الرسول الكريم صلىاللهعليهوسلم قبيل البعثة ، وعند توجهه إلى البصرة للتجارة قد حفرها بيده الكريمة ، فخرج الماء ساخنا ، وهى مياه مباركة ، من شربها وهو مصاب بالإسهال يشفى منه فورا بإذن الله ، وعلى حافتها ، مصلى صغير ، يتسع لخمسة أشخاص بالكاد. وكان النبى الكريم صلىاللهعليهوسلم يتعبد فيه. ومن خصائص هذا المكان ؛ أنه إذا ما نام به العليل بعض الوقت شفاه الله ، وعافاه ، وإذا ما قام الفقير بالخدمة فى هذه القلعة ؛ أنقذه الله من براثن الفاقة ، وبراثن الفقر. وحول هذه القلعة قرى عامرة ، وأرض خصبة معطاءة. يتوافد القرويون فى هذا الموقع على الحجاج ليبيعونهم ما يحتاجون إليه من نتاج أرضهم. نهضنا من هذا المكان ، وتابعت القافلة المسير سبع ساعات ، وسط الصحراء الجرداء حتى وصلنا إلى «شجرة الحور الجاحدة» وهى بلا ماء ، أو نبات ، ولم تتوقف القافلة بها ، لضيق الوقت ، بل تابعت سيرها لمدة إثنتا عشر ساعة أخرى ، حتى :
مرحلة قلعة النخلة العاصية :
تفع فى منتصف الطريق إلى مكة ، وعند العودة يقوم باشوات نابلس ، وعجلون ،
__________________
(١) السلطان محمد الرابع : (١٦٤٢ ـ ١٦٩٣ م ـ ١٠٥٢ ـ ١١٠٥ ه. بعد تنحية السلطان إبراهيم عن العرش بالقوة ، فتح الطريق على مصراعيه أمام ولى العهد محمد لكى يكون سلطان. فتولى العرش فى الثامن من أغسطس سنة ١٦٤٨ م وهو ما زال صغيرا ، مما أدى إلى زيادة القلاقل .. ولكن عندما اشتد عوده عين فى الصدارة من هم على علم وخبرة ودراية ، وعقد العديد من المعاهدات مع النمسا ، والصرب .. ولكنه قام بحروب على روسيا وكريت وفتح الأخيرة. وتوجه إلى لهستان للمرة الثانية سنة ١٦٧٦ م وفى سنة ١٦٨١ م عقد معاهدة صلح مع الروس ، وفى سنة ١٦٨٢ م قرر الدخول فى حرب ضد النمسا ، ولكن نتيجة للهزيمة التى منى بها الجيش تم اعدام الصدر الأعظم فره مصطفى باشا المرزفوّنى .. وخلال سنتى ٨٤ ، ١٦٨٥ م فقدت الإمبراطورية بعض قلاعها المهمة. وسقطت بعضها الأخر فى يد الأعداء دون حروب تذكر.
وفقدت المجر تماما بعد سقوط بودين فى يد العدو سنة ١٦٨٦ م. ثم موهاج ١٦٨٧ ، وآثينا سنة ١٦٨٧ ، بالرغم فى كل ذلك ، افتتح فى عهده العديد من الجوامع والمؤسسات المعمارية الكبيرة.
أنزل عن العرش فى الثامن من شهر ديسمبر سنة ١٦٨٧ م. «المترجم»