الحجّاج) فسألها ذات يوم : (هل رأيت أحسن من هذا القصر؟). فقالت : إنه قصر جميل. فقال لها الحجّاج : أصدقيني.
قالت هند : إذا كنت تريد الحقيقة ، فو الله ما رأيت أحسن من القصر الأحمر. (١)
وعند ما سمع العراقيون بوفاة محمّد بن الحجّاج وأخيه محمّد بن يوسف ، فرحوا كثيرا وقالوا : انكسر ظهر الحجّاج وكسرت جناحاه ، فخطب الحجّاج بالناس فقال : (يا أيّها الناس ، محمّدان في يوم واحد ، أما والله لقد كنت أحبّ أنّهما معي في الدنيا مع ما أرجوه لهما من ثواب الآخرة ، وأيم الله ليوشكنّ الباقي منّا ومنكم أن يفنى ، والجديد منّا ومنكم أن يبلى ... الخ). (٢)
وجزع الحجّاج على ابنه (محمّد) جزعا شديدا ، وقال : إذا غسلتموه وكفنتموه فأعلموني ، ولمّا انتهوا من تغسيله وتكفينه ، نظر الحجّاج إلى ولده وقال : (٣)
الآن لما كنت أكمل من مشى |
|
وأفتر نابك عن شباة القارح |
وتكاملت فيك المروءة كلّها |
|
وأعنت ذلك بالفعال الصالح |
ثم جلس الحجّاج للتعزية ، فدخل الناس عليه يعزّونه ، ومعهم الفرزدق ، فنظر إليه الحجّاج وقال : يا فرزدق ، أما رثيت محمّدا ومحمّدا؟
قال الفرزدق : نعم أيّها الأمير ، وأنشد يقول : (٤)
__________________
(١) القصر الأحمر : بناه عبيد الله بن زياد عند ما كان أميرا في البصرة ، وقد تزوج فيه بهند بنت أسماء بن خارجة.
(٢) ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج ٤ / ١٢٢.
(٣) الجاحظ ـ البيان والتبيين. ج ٤ / ٥٩.
(٤) المبرد ـ الكامل. ج ٢ / ١٠٧.