واستغل خالد القسريّ منصبه كأمير للكوفة ، شأنه في ذلك شأن من سبقه من الأمراء الأمويين فاشترى ضياعا كثيرة ، وبنى له دارا كبيرة في دمشق تعرف بدار اليزيديّ ، وبلغت وارداته في السنة (عشرة آلاف ألف درهم) وأخذ يتردد كثيرا على هشام بن عبد الملك ، حتّى قيل أنّه كان يتطاول على هشام ، فخطب في الكوفة ذات يوم وقد جاء في خطبته : (والله ما إمارة العراق مما يشرّفني). (١)
فلمّا سمع هشام بن عبد الملك غضب عليه وكتب إليه يقول : (بلغني يابن النصرانية إنّك تقول : إنّ إمارة العراق ليست مما يشرفك ، صدقت والله ، ما شيء يشرّفك وكيف تشرّف وأنت دعي إلى بجيلة ، القبيلة ، القليلة ، الذليلة ، أما والله إنّي لأضن أنّ أوّل ما يأتيك ضغن من قيس فيشد يديك إلى عنقك). (٢) ثمّ عزله ، وقيل : إنّ جماعة أرادوا قتل الوليد بن يزيد ، فطلبوا من خالد القسريّ أن يشاركهم في قتله فرفض ذلك ثمّ ذهب إلى الوليد وقال له : يا أمير المؤمنين دع الحجّ هذا العامّ ، وقال له الوليد : ممّن تخاف؟
اذكر لي أسمائهم. فقال خالد : قد نصحتك ولن أبوح بأسمائهم. فقال له الوليد : إذن سوف أبعث بك إلى عدوّك يوسف بن عمر ، عندها أرسله ليوسف بن عمر فعذّبه حتّى قتله. (٣) وقيل عزل خالد القسريّ عن العراق سنة (١٢٠) (٤) للهجرة عزله هشام بن عبد الملك ، وعيّن مكانه يوسف بن عمر.
__________________
(١) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ٢٢ / ٢٥.
(٢) ابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٨ / ٨٣.
(٣) الذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج ٥ / ٤٣٠.
(٤) صالح خريسات ـ تهذيب تاريخ الطبري. ص ٤٢٢. وابن الجوزي ـ المنتظم. ج ٧ / ٢٠٠. وابن الأثير ـ الكامل. ج ٥ / ٢١٩. وابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ٧ / ٣٧٠. وتاريخ ابن خلدون. ج ٣ / ١٤٠. والترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلاميّ. ج ١ / ٧٥٣. ومحمّد مختار باشا ـ التوفيقات الإلهامية. ج ١ / ١٥٢.