ومن شعره في الأمداح الصّمادحية (١) : [الطويل]
لعلّك بالوادي المقدّس شاطىء |
|
وكالعنبر الهنديّ ما أنت واطئ (٢) |
وإنّي في ريّاك واجد ريحهم (٣) |
|
فروح الجوى بين الجوانح ناشئ |
ولي في السّرى من نارهم ومنارهم |
|
هداة حداة والنجوم طوافىء |
لذلك ما حنّت ركابي (٤) وحمحمت |
|
عرابي وأوحى سيرها المتباطىء |
فهل هاجها ما هاجني؟ أو لعلّها |
|
إلى الوخد من نيران وجدي لواجىء |
رويدا فذا وادي لبيني وإنه |
|
لورد لباناتي وإني لظامىء |
ميادين تهيامي ومسرح ناظري |
|
فللشّوق غايات لها (٥) ومبادئ |
ولا تحسبوا غيدا حمتها مقاصر |
|
فتلك قلوب ضمّنتها جآجىء |
ومنها :
محا ملّة السّلوان مبعث حسنه |
|
فكلّ إلى دين الصّبابة صابىء |
فكيف أرفّي كلم طرفك في الحشا |
|
وليس لتمزيق المهنّد رافىء؟ |
وما لي لا أسمو مرادا وهمّة |
|
وقد كرمت نفس وطابت ضآضىء؟ |
وما أخّرتني عن تناه مبادئ |
|
ولا قصّرت بي عن تباه مناشئ |
ولكنّه الدّهر المناقض فعله |
|
فذو الفضل منحطّ وذو النقص نامئ |
كأنّ زماني إذ رآني جذيله |
|
يلابسني منه (٦) عدوّ ممالئ |
فداريت إعتابا ودارأت عاتبا |
|
ولم يغنني أني مدار مدارىء |
فألقيت أعباء الزمان وأهله |
|
فما أنا إلّا بالحقائق عابىء |
ولازمت سمت الصّمت لاعن فدامة (٧) |
|
فلي منطق للسّمع والقلب صابىء (٨) |
ولو لا علا الملك ابن معن محمد |
|
لما برحت أصدافهنّ اللآلئ |
لآلىء إلا أنّ فكري غائص |
|
وعلمي ذو ماء (٩) ونطقي شاطىء |
__________________
(١) القصيدة في ديوان ابن الحداد الأندلسي (ص ١٤٠ ـ ١٤٩).
(٢) في الديوان : «فكالعنبر الهندي ما أنا واطئ».
(٣) في الأصل : «... واجد عرف ريحهم» ، وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من الديوان.
(٤) في الأصل : «ركايبي» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من الديوان.
(٥) في الديوان : «به».
(٦) في الديوان : «قلاني فلي منه».
(٧) في الأصل : «مذامة» والتصويب من الديوان. والفدامة : قلّة الفهم والفطنة.
(٨) في الديوان : «مالئ».
(٩) في الديوان : «دأماء».