وفاته : قال شيخنا أبو بكر بن شبرين : توفي بسجلماسة في صفر عام ستة عشر وسبعمائة.
محمد بن محمد بن عبد الله بن مقاتل (١)
من أهل مالقة ، يكنى أبا بكر.
حاله : من كتاب الإكليل : نابغة (٢) مالقية ، وخلف وبقيّة ، ومغربي الوطن ، أخلاقه مشرقيّة. أزمع الرحيل إلى المشرق ، مع اخضرار العود وسواد المفرق (٣) ، فلمّا توسّطت السفينة اللّجج ، وقارعت الثّبج (٤) ، مال (٥) عليها البحر فسقاها كأس الحمام ، وأولدها قبل التمام ، وكان فيمن اشتملت عليه أعوادها ، وانضمّ على نوره سوادها ، جملة (٦) من الطلبة والأدباء ، وأبناء السراة الحسباء ، أصبح كلّ منهم مطيعا ، لداعي الرّدى وسميعا ، وأحيوا فرادى وماتوا جميعا ، فأجروا الدموع حزنا ، وأرسلوا العبرات عليهم مزنا. وكأنّ (٧) البحر لمّا طمس سبل (٨) خلاصهم وسدّها ، وأحال (٩) هضبة سفينتهم وهدّها ، غار على نفوسهم النّفيسة واستردها (١٠). والفقيه أبو بكر مع إكثاره ، وانقياد نظامه ونثاره ، لم أظفر من أدبه إلّا بالقليل التافه ، بعد وداعه وانصرافه.
فمن ذلك قوله وقد أبصر فتى عاثرا (١١) : [الكامل]
ومهفهف هافي المعاطف أحور |
|
فضحت أشعّة نوره الأقمارا |
زلّت له قدم فأصبح عاثرا |
|
بين الأنام لعا (١٢) لذاك عثارا |
لو كنت أعلم ما يكون فرشت في |
|
ذاك المكان الخدّ والأشفارا (١٣) |
__________________
(١) ترجمة ابن مقاتل في الدرر الكامنة (ج ٤ ص ٣١٣) ونفح الطيب (ج ٨ ص ٣٧١).
(٢) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٣٧١).
(٣) اخضرار العود وسواد المفرق : كنايتان عن الشباب.
(٤) الثّبج : الموج. لسان العرب (ثبج).
(٥) في النفح : «هال».
(٦) في النفح : «من جملة».
(٧) في الأصل : «وكان» والتصويب من النفح.
(٨) في النفح : «سبيل».
(٩) في النفح : «وأهال».
(١٠) في النفح : «فاستردّها».
(١١) هذه المقطوعة في نفح الطيب (ج ٨ ص ٣٧١).
(١٢) لعا : كلمة دعاء لمن عثر ، ومعناها : أنعشه الله.
(١٣) الأشفار : أهداب العيون. لسان العرب (شفر).