المشركين فحمل عليه أحدهم ، فحمل عليه أبو عامر فقتله ، ثم لم يزل يفعل ذلك بهم واحدا بعد واحد حتى قتل التسعة وبقي العاشر ، فتجاولا وأبو عامر يدعوه ويقول : اللهمّ اشهد. فقال : اللهمّ لا تشهد عليّ. فكفّ عنه أبو عامر فأفلت ثم أسلم بعد فحسن إسلامه ، وكان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذا رآه يقول : هذا شريد أبي عامر (١).
ويروى أنّ أبا جهل (٢) بن هشام قال يوم بدر : اللهمّ دينك القويم وأياديك الحسنة ، أيّنا كان أحبّ إليك فانصره اليوم على صاحبه ، ثمّ أقبل يرتجز ويقول :
ما تنقم الحرب العوان منّي |
|
بازل عامين حديث سنّي |
لمثل هذا ولدتني أمي (٣) |
فكان أوّل من لقيه معاذ بن عمرو بن الجموح (٤) قال : سمعت القوم ـ وأبو جهل في مثل الحرجة ـ يقولون : أبو الحكم لا يخلص إليه. فلمّا رأيته جعلته من شأني فصمدت نحوه ، فلمّا أمكنني حملت عليه فضربته
__________________
(١) السيرة النبوية ٢ : ٩٠٠
(٢) أبو جهل ت ٢ ه ـ ٦٢٤ م : عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي ، أشد الناس عداوة للنبي (صلىاللهعليهوسلم) في صدر الإسلام ، وأحد سادات قريش وأبطالها ودهاتها في الجاهلية ، سودته قريش ولم يطرّ مشاربه فأدخلته دار الندوة مع الكهول. أدرك الإسلام وكان يقال له : أبو الحكم فدعاه المسلمون أبا جهل. قتل في موقعة بدر. انظر السيرة النبوية ١ : ٥٢٩ والأعلام ٥ : ٨٦.
(٣) انظر الخبر والرجز في السيرة النبوية ٢ : ٤٦٥.
(٤) معاذ بن عمرو ت ٢٥ ه ـ ٦٤٥ م : معاذ بن عمرو بن الجموح بن زيد من بني كعب بن سلمة الأنصاري الخزرجي السلمي ، شجاع ، صحابي شهد العقبة وبدرا. ضرب أبا جهل ببدر فقطع ساقه فضربه عكرمة فقطع يده وبقي يقاتل إلى آخر النهار. وعاش إلى خلافة عثمان. الإصابة ٦ : ١٠٩ برقم ٨٠٤٦ والأعلام ٧ : ٢٥٨ والسيرة النبوية ١ : ٤٦٥.