قالت (١) : اتخذت أمرا من غير مشورة لأهل الحكمة!
قال : [ما](٢) ملكت صبري ، ثم أنه تتبع الكلام فوجده كذبا وافتراءا ، فأمر بإخراجهن من قصره ، وسلبهن نعمتهن.
وعمل حصليم مقياسا لزيادة النيل فجمع أصحاب العلوم والهندسة ، فعملوا بيتا من رخام على حافة النيل ، وجعل في وسطه بركة من نحاس صغيرة فيها / ماء موزون ، وجعل على حافتي البركة مثال عقابين ذكر وأنثى ، فإذا صفر الذكر دل على زيادة الماء وصفير الأنثى عكسه. ويعتبرون الماء ، فكل أصبع يزيد في تلك البركة فهو ذراع من زيادة النيل ، وكذا في نزوله ، فعند ذلك تحفر الترع ويعملوا الجسور ، وعملوا القناطر التي هي اليوم (٣) ببلاد النوبة.
وكان لحصليم ولد اسمه : هرصال ، يعني خادم الزهرة ، كفلته أخته وأدبته وزوجته من عشرين امرأة من بنات الملوك العظماء ، وبنت له مدينة ، وجعلت فيها عجائب كثيرة ، أحسنت عمارتها ونقوشها ، وعملت فيها حماما معلقا على أساطين يرتفع الماء إليها من تلك الأساطين حارا من غير وقيد.
وهلك حصليم ، وتولى ولده هرصال :
هرصال الملك :
لما استقرت به المملكة تحول إلى بلاد الشمال فسكنها وبنى له مدينة هي إحدى المدائن ذوات العجائب ، وعمل في وسطها صنما يدور بدوران الشمس يبيت مغربا ، ويصبح مشرقا.
ويقال : إنه عمل من تحت النيل سربا وخرج منه متنكرا يشق بين الأمم حتى بلغ بابل ، فرأى ما عمل فيها الملوك من العجائب.
وقيل : إن نوح عليهالسلام ولد في وقته.
وولد لهرصال عشرون ولدا ، وعمل مع كل ولد منهم فاطرا ، والفاطر : هو رأس الكهنة. وتقول القبط : إنه [تملك](٤) مائة وسبع وعشرين سنة من ملك لزم الهياكل وتعبد الكواكب ، واختفى عن أعين الناس. وأقام بنوه كل واحد في قسمه الذي قطعه إياه ، فأقاموا طيبين سبع سنين ، ثم تشاجروا فاجتمع رؤساء الكهان في دار المملكة واتفقوا على أن يولوا عليهم أكبر ولد هرصال وهو :
__________________
(١) في المخطوط : قال ، وهو تحريف.
(٢) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.
(٣) أي أيام المؤلف رحمنا الله وإياه ، آمين.
(٤) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.