فقالوا : قد دخل إلى بلدك / ملك يريد ملكك ولكنه لا يصل إليك.
فعلم أنه بجملة المحبوسين فأمر بحملهم إليه فشخصوا بين يديه ، فأمر أن يطاف بهم في جميع بلاد مصر ويوقفوهم على ما فيها من الطلسمات والأصنام المتحركات والعجائب المعجزات.
فبلغوا بهم إلى الإسكندرية ، ثم ساروا بهم إلى أمسوس ، فأروهم عجائبها ، وقد ساروا بهم إلى الجنة التي عملها مصرام ، وأظهروا لهم التحاييل والتماثيل ، فذهلوا عند رؤيتها. ثم رجعوا بهم شرناق والكهنة حوله قد أظهروا صنوف كثيرة من السحر ، وكان بين يدي شرناق من أراد الدخول فيها وكان سليما خاضها ، وإن كان ذو غائلة احترق فأمر الملك الجماعة أن يدخلوها واحدا بعد واحد ، فلم يصبهم منها أذى.
ورأى رجلا قد تأخر منهم ، فقال : ما منعك الدخول إليها وقد رأيت أصحابك قد سلموا منها؟ فتقرب منها فلفتحه فولى هاربا. فأمر الملك بأخذه وسأله عن حقيقة أمره ، فأقر على نفسه ، فأمر بشنقه وصلبه على ذلك الحصين من ناحية الشام ، وزبر على باب الحصين : هذا فلان الملك المتغلب على الشام ، أضمر غائلة للملك شرناق ، وقصد ما لا يوصل إليه ، فعوقب بهذا وأمر بإخراج قومه عن بلده ، وقيل لهم : قد أوجب عليكم القتل لكن الملك قد عفا عنكم. وكانوا يتحدثون بما رأوا من العجائب ، واتصل خبرهم بملوك البلاد ، فانقطعت آمالهم عن مصر والتعرض لها.
وعمل شرناق عجائب كثيرة :
فمن ذلك : أنه عمل في باب كل مدينة بطة من نحاس قائمة على أسطوانة ، فإذا دخل البلد غريب صفقت بجناحيها وصرخت ، فيؤخذ ويسأل عن أمره.
وشق إلى بلاد الغرب ومدائنها نهرا من النيل ، وبنى على عبره منازل وأعلاما وغرس بينهما غرسا يتنزه عليها ، وكان إذا خرج إليها سار في عمارة متصلة ومفترجات إلى منتهاها.
وملكهم مائة وثلاثين سنة وتولى بعده ابنه :
سهلوق / الملك :
وكان عالما كاهنا منجما فلما حكم فيهم أفاض العدل وقسم ماء النيل قسما موزونا صرف إلى كل ناحية قسطها. ورتب مراتب الناس ، وجعلها سبعة أقسام :
القسم الأول :
للملك ، وأهله ، ولرأس الكهان ، وللوزير الأكبر ، وقائد الجيش الأكبر ، وصاحب خاتم الملك ، وخزانة الملك.