ودست لهم أيضا : أن شمرود متغلب عليهم فاجتمع في ناحيتها عالم من أمسوس ، واجتمعوا على ابن الساحرة ، فرجعت بهم إليه بعد أن عمل له السحر كثيرا من أصناف التماثيل الهائلة والنيران المحرقة. فدخلوا أمسوس ، واجتمع عسكر شمرود ، وعسكر ابن الساحرة وقامت / الحرب بينهم أياما ، فانهزم شمرود وإخوته.
ونزل ابن الساحرة بدار الملك وجلس على سرير ملك أبيه ، وتتوج بتاجه ، وطاف به بطانة أبيه ، وكان اسمه :
توسيدون الملك :
وكان صغيرا ، فكانت أمه تدبر أمره ، وعمد إلى من صحب شمرود فقتلهم وأرسل في طلبه فأحضروه.
وذكر القبط : أن شمرود كان طوله عشرين ذراعا فشده في أسطوانة فصاح صيحة مات منها جماعة ، وهرب الباقون ، فأججوا له نارا وأوقدوها تحته.
وخرج ابن الساحرة كاهنا منجما وعملت له الشياطين قبة من زجاج تدور بدوران الفلك وصوروا عليها صور الكواكب ، فكانوا يعرفون الطالع منها وما يحدث بطلوعه.
وبعد ستين سنة من ملكه هلكت الساحرة وأوصت أن يجعل جسدها تحت صنم القمر ، فإنه يخبرهم بالعجائب.
وأهاب الناس ابنها ، وكان يتصور لهم في صور كثيرة. وملكهم مائة وستين سنة فلما حضرته الوفاة طلوا جسده بالأدوية الممسكة ، وجعلوا جسده في جوف صنم من زجاج وألحموه وأقاموه في هيكل الأصنام ، وجعلوا له عيدا في كل سنة وجعلوا كنوزه وعلومه معه ، وتولى بعده ابنه :
شرناق الملك :
فعمل بسيرة أبيه وجده وأقبل الناس عليه وزحف رجل من ناحية العراق من بني طرابيس بن رام فتغلب على الشام ، وأراد أن يزحف إلى مصر ، فقالوا له : لا تصل إليها من كثرة موانعها بطلسماتها ، وسحر أهلها.
فقال : أدخلها متنكرا لعلي أن أقف على أحوالها. فخرج حتى بلغ الحصين الذي بنوه على حد مصر في نفر من أصحابه ، فرأوهم حرس مصر ، فسألوهم عن أمرهم.
فقالوا : جئنا بلدكم نريد السكنى بها ، فمسكوهم وحبسوهم ، ورفعوا أمرهم وخبرهم للملك ، وكان الملك قد رأى في منامه كأنه على منار عال وكأن طائرا عظيما يريد أن يختطفه فحاد عنه ، فكاد أن يسقط ، فانتبه مرعوبا ، فأرسل إلى الكهنة وقص عليهم رؤيته.