مناوش الملك :
كان جبارا أثيما معتديا جريئا ، لما تولى آذى الناس ، وسفك الدماء ، واغتصب النساء ، واستخرج كنوز آبائه وبنى قصورا بذهب وفضة ، وفجر فيها أنهارا ، وجعل حصباءها من صنوف الجوهر ، وأسبل في الهيئات ، وأهلّ أمر العمارات.
فطاف به أهل الشر ، فأبغض الناس ، وأمر باغتصاب النساء ، فخالفه جماعة فحرقهم ، فسلط رجلا من الجبابرة ، ووجهه لمحاربة الأمم الغربية ، فقتل منهم خلقا ثم هلك. فاغتم عليه ، وأمر أن يدفن مع الملوك. وأقام مناوش الفاسق ثلاثا وسبعين سنة ، وأهلكه الله تعالى ، ودفن في الهرم في حوض مرمر ، وجعلوا عنده كنوزا. وتولى بعده ابنه :
أفروش الملك :
كان عاقلا عارفا خالف أباه في سيرته ، فأحبه الناس فردّ عليهم نساءهم وعدل فيهم.
وعمل في وقته فوارة قطرها مائة ذراع ، وطولها خمسون ذراعا ، وركّب في جوانبها أطيارا تصفّر بأصناف اللّغات المطربة.
وعمل في وسط المدينة منارا من صفر يعلوه تمثال من صفر في صورة رأس إنسان كلما مضت ساعة من النهار صاح صياحا عظيما ، وكذلك في الليل.
وعمل منارا وجعل على رأسه قبة من صفر مذهب ، ولطخها لطوخات عجيبة ، فإذا غربت الشمس اشتعلت تلك القبة نارا يضيء لها غالب المدينة ، فلا يطفئها مطر ولا ريح ، فإذا طلع النهار غلب ضوء الشمس ضوءها.
وعمل على الجبل الشرقي صنما قائما على قاعدة مصبوغة بلطوخ أصفر ، مصور / بالذهب موجها إلى الشمس يدور معها حتى تغرب من الناحية البحرية ، ثم يدور ليلا إلى الناحية الجنوبية حتى يحاذي الشمس مع الصبح ، فلم يزل كذلك [إلى](١) أن سقط في أيام فرعان فتهشم.
وكان أفروش يطلب الولد [من](٢) ثلاث مائة امرأة ، فلم يولد له شيء.
وقيل : في وقته عقمت أرحام النساء ، لما أراد الله تعالى هلاك العالم بالطوفان ، وكذلك عقمت البهائم ، ووقع الفناء فيها ، وكثرت الأسد في وقته حتى كانت تحل في
__________________
(١) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.
(٢) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.