ووجد هناك معدن الزئبق فعمل منه بركة قيل : إنها باقية إلى الآن ، وأما المنار فسقط.
وقيل : إن قفطريم بنى المدائن الداخلة وعمل فيها عجائب كثيرة منها : الماء الملفوف / القائم كالعمود لا ينحل ولا يذوب.
والبركة التي تسمى فلسطين ـ يعني صيادة الطير ـ يمر بها الطير فيؤخذ.
وعمودا من نحاس عليه صورة طائر إذا مرّ عليه شيء من الوحوش والحشرات صفر عليها فتولي هاربة.
وعمل على أربعة أبواب هذه المدينة أربعة أصنام من نحاس إذا قرب منها الغريب وقع عليه النوم والثبات ، فإذا نفخ أحد في وجهه قام أو يهلك. وعمل منارا لطيفا من نحاس ملون على قاعدة ، وعلى رأس المنار صنم من أخلاط كثيرة ، وفي يده كالقوس كأنه يرمي عنها إن رآه الغريب وقف فلا يبرح حتى يهلك أو يخلصه أهل المدينة. وكان ذلك الصنم يتوجه من نفسه إلى مهب الرياح الأربع.
قيل : إنه على حاله إلى الآن ، وأن الناس تجافوا (١) تلك المدينة على كثرة ما فيها من الكنوز والعجائب الظاهرة فرقا من ذلك الصنم.
وقيل : إن بعض الملوك عمل على قلعه فما استطاع ، وهلك لذلك خلق كثير.
ويقال : إنه عمل في بعض المدن الداخلة مرآة يرى فيها جميع ما يسأل الإنسان عنه. وبنى غرب النيل ، وخلف اللوحات (٢) الداخلة مدنا وعمل فيها عجائب كثيرة ، ووكل بها الروحانيين فيدخلها ويأخذ ما شاء من كنوزها من حزر.
وأقام قفطريم أربعمائة وثمانين سنة ملكا وعمل في وقته عجائب كثيرة ، فكان الصعيد أكثر عجائبا من أسفل الأرض لأنه حيز قفطريم فلما هلك (٣) عملوا له ناووسا تحت الأرض في الجبل الغربي قرب مدينة العمد عمله لنفسه قبل موته في سرب معقود على أزاج إلى الجبل ونقر تحت الجبل كهيئة الدار الواسعة ، وجعل دورها خزائن منقورة ، وجعل في سقوفها مسارب للرياح ، وبلط ذلك كله بالمرمر وجعل في وسط الدار مجلسا على ثمانية أركان مصفحا بالزجاج الملون المسبوك وجعل في سقفه / جواهر وحجارة تسرج. وجعل في كل ركن من أركان المجلس تمثال ذهب بيده كالبوق ، وجعل تحت القبة دكة مصفحة بالذهب حافتها زبرجد وفرشها بالحرير الملون وجعل عليها
__________________
(١) في المخطوط : تحاموا ، وهو تحريف. وتجافوا : أي هجروا ، أو هجروها خوفا من صنمها.
(٢) وهي الواحات الداخلة في الصحراء الغربية بمصر.
(٣) في المخطوط : هلكوا ، وهو تحريف.