جسده ، بعد أن لطخ بالأدوية المجففة وجعل من جوانبه آلات الكافور مخروطة ، وأرخى عليه ثياب فاخرة منسوجة بالذهب ، ووجهه مكشوف ، وعلى رأسه تاج مكلل بالجواهر.
وعلى جوانب التكة أربع تماثيل مجوفات من زجاج مسبوك في صورة النساء ، وألوانهن (١) بأيديهن مراوح من ذهب.
وجعل في صدره من فوق الثياب سيف فاخر صاعقي قائمته زبرجد.
وجعل في تلك الخزائن من الذخائر وسبائك الذهب ، والتيجان ، والجوهر ، وبراني الحكم ، وأصناف العقاقير ، والطلسمات ، ومصاحف علومهم شيء كثير.
وجعل على مجلسه صورة ديك من ذهب مرتفع على قاعدة من زجاج أخضر منشور الجناحين مرموز عليه آيات عظام مانعة.
وجعل على مدخل كل أزج صورتين مشوهتين ، من نحاس ، بأيديهن سيفان كالبرق ، وأقدامهما بلاطة تحتها لوالب ، فمن وطئها ضرباه فقتلاه ، وفي سقف كل أزج أكرة عليها لطوخ مدبرة تسرج على طول الزمان.
وسدوا أبواب الأزج بالأساطين المرصعة ، وبلطوا سقفه بالبلاط الكبير ، وهالوا عليها الرمال ، وزبروا على باب الأزج : هذا المدخل إلى جسد الملك المعظم المهاب ، الشديد المكرم قفطريم ذي الأيدي والفخر والغلبة والقهر ، أفل نجمه وبقي علمه وذكره ، فلا يصل إليه ولا يقدر عليه بحيلة ، وذلك بعد سبعمائة وسبعين ودوات مضت من السنين وتولى بعده ابنه :
البودشير بن قفطريم الملك :
لما استقر له الحال والأمر احتجب عن الناس ، وكان أعمامه أشيمون ، وصا ، وأتريب ملوكا على أحيازهم إلا أنهم كانوا مقهورين معه لأنه كان قهرهم بجبرويته ، فكان الذكر له. وقيل / أنه أرسل هرمس إلى جبل القمر الذي ينصب من تحته ماء النيل.
ويقال : إنه هو الذي عمل حيلتي النيل ، وكان يغيض ، وأمره البود شير أن يسير غربا لينظر ما هناك ، فمر بأرض واسعة متخرقة بالماء والعيون كثيرة العشب فبنى فيها منابر ، ومتنزهات وحول إليها جماعة من أهل بيته ، فعمروا تلك النواحي ، وصارت بلاد الغرب كلها عامرة وخالطهم البربر ، وتزوج بعضهم من بعض ، ثم أنهم تحاسدوا وبغى بعضهم على بعض ، وجرى بينهم حروب كثيرة ، فخربت (٢) البلاد وتفرق أهلها فبقيت بعض المنازل تسمى اللواحات.
__________________
(١) كذا لم يذكر ألوانهن ، أي : لم يحدد الألوان.
(٢) في المخطوط : فخرب ، وهو تحريف.