خاطبهم ولا يرونه. ثم غاب عنهم مدة وهم في طاعته حتى رآه ابنه عذيم وهو يأمره بالجلوس مكانه.
عذيم بن البودشير الملك :
وهذا عذيم لا يطاق ، وكان عظيم الخلق ، لما جلس أمر بقطع الصخور ليعمل منها هرما كما عمل الأولون.
وأن هاروت وماروت كانا في زمانه في بئر بابل فغشاهم السحرة إلى آخر الزمان.
وفي أيام عذيم زنى رجل بامرأة محصنة فأمر بصلبهما على منارين ، ولصق ظهره إلى ظهرها ، وزبر
على المنارين اسمهما وما عملاه وأرّخه ، فانتهى الناس عن الزنا.
وبنى أربع مدائن وأودعها أصنافا كثيرة ، وكنز فيها كنوزا عظيمة.
وعمل في شرف منارا وأقام على رأسه صنما موجها إلى الشرق مادا اليدين يمنع دواب البحر والرمال أن تجاوز خدها ، وزبر في صدره : تاريخ الوقت ، وقيل هو بارق إلى الآن.
وعمل قنطرة في بلد النوبة على النيل ، ونصب عليها أربعة أصنام موجهة إلى أربع جهات في يد كل صنم جرس يضرب به إذا أتاهم عدو من تلك الجهة وقفت حتى هدمها فرعون. وهو الذي / عمل البرباني ببلد النوبة وهي باقية إلى الآن.
وعمل في إحدى المدائن الأربع حوضا من صوّان أسود مملوء ماء لا ينقص ولا يتغير ، فكان أهل تلك النواحي يشربون منه.
وعمل قدام البلد الذي ببلاد الهند حوضا لطيفا مدورا على قاعدة مملوء ماء ، وجعل عليه من البخار الرطب ، فيشربوا منه ، فلا ينقص ، وهو موجود إلى الآن.
وعمل قدحا لطيفا مثله وأهداه خويل للإسكندر اليوناني.
وملكهم عذيم مائة وأربعين سنة ، ومات وهو ابن سبعمائة سنة وثلاثون سنة. ودفن في إحدى المدائن ذات العجائب في أزج من رخام ملون بزرقة مبطن بزجاج أصفر ، وطلي جسده ، وجعل حوله من كنوزه وذخائره شيء كثير ، وذلك وسط المدينة ، وهي ممنوعة بروحانيتها.
وذكر بعض القبط أن ناووس عذيم في صحراء قفط على وجه الأرض في قبة عظيمة من زجاج أخضر براق معقودة على ثمانية أزاج من ذهب يعلو القبة طائر من ذهب موشح بجوهر منشور الجناحين ، يمنع من الدخول إليها ، وقطر القبة مائة ذراع في مائة ذراع. وجسد عذيم في وسطها على سرير من ذهب مشبك مكشوف الوجه وعليه ثياب