وعمل في صحراء الغرب ملعبا من زجاج ملون وفي وسطه قبة من الزجاج الأخضر صافية النور إذا طلعت الشمس عليه ألقت شعاعها على الأماكن البعيدة منها.
وعمل من أربعة وجوه الملعب أربعة مجالس عالية كلها زجاج مختلف الألوان ونقش على كل مجلس منها مما يخالف لونه من الطلسمات العجيبة ، والصور البديعة كله زجاج مطابق / يشف. فكان يتنزه فيه الأيام الكثيرة ، وعمل له في كل سنة ثلاثة أعياد ، فكانوا يحجون إليه في كل عيد ، ويذبحون له ، ويقيمون سبعة أيام.
وكانت الأمم تقصد هذا الملعب ويتفرجون عليه لأنه لم يكن له نظير ولا شكل ولا عمل أحد في العالم مثله [إلى](١) أن هدمه بعض الملوك. وعمل مرقونس من الكيمياء والذهب ما لم يعمله غيره من الملوك.
وقيل : إنه دفن في صحراء الغرب خمسمائة دفين.
وعمل على باب صا عامودا وجعل عليه صنما في صورة امرأة جالسة وفي يدها مرآة ينظر فيها للعليل ، إن كان يموت فيرى أنه ميتا ، وإن كان يعيش رؤي حيا ، وللمسافر إن كان يرجع رأوه مقبلا وإلا رأوه مدبرا.
وعمل بالإسكندرية صورة راهب جالس على قاعدة ، وعلى رأسه كالبرنسة ، وفي يده عكازا إذا دخل إليها تاجر لا يستطيع أن يتعداه حتى يخرج من ماله بقدر زكاة بضاعته ، فيضعه قدامه ، فكان يجمع من ذلك الشيء الكثير فيفرقون ذلك على الزمناء (٢) والفقراء.
ولما هلك جعل في ناووسه داخل بلاد الغرب عند جبل سندام عمله لنفسه في حياته ، وعمل تحته إزجا طوله مائة ذراع وارتفاعه ثلاثون ذراعا وعرضه عشرون ذراعا وصفحه بالمرمر ، والزجاج الملون المسبوك وأسقفه بالحجارة الصافية.
وعمل دائرة مصاطب لطافا مبلطة بالزجاج على كل مصطبة أعجوبة ، وفي وسط الأزج (٣) دكة من زجاج ملون عليها صورة تمنع من الدخول إليها ، وبين كل صورتين كالمنارة عليها حجر مضيء. وجعل في وسط الدكة حوضا من ذهب ، فنقل إليه جسده ، وذخائره من الجوهر والذهب وغير ذلك ، وسدّ بابه بالصخور والرصاص ، وأهالوا عليه الرمال.
وملك ثلاثا وسبعين سنة وعمّر مائتي سنة وأربعين سنة ، وكان جميلا ذا وفرة حسنة ، وتولى الملك / بعده ابنه :
__________________
(١) ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق.
(٢) أي : الضعفاء ومن أصابت ماله فاقة ومن انقطع به السبيل ، ومن ركبه دين لا يقدر على سداده.
(٣) الأزج : بيت يبنى طولا ، ويقال له بالفارسية : أوستان.