منف موضعا انفردوا فيه وجعلوا لأنفسهم معبدا (١) يتلون فيه صحف إبراهيم عليهالسلام فمكرت القبط عليهم ليخرجوهم من بينهم.
واستأذنوا الملك في ذلك ، قال : قد علمتم بركة (٢) يوسف وما حدث من دفنه من الخير. فسكتوا عنهم.
ثم أن أحد ملوك الكنعانيين تغلّب على أهل الشام وامتنع أهله أن يحملوا الضريبة التي كانت عليهم إلى ملك مصر ، وسألوا الملك أن يغزوا صاحب الشام ، الشام.
قال : أما الشام فلا حاجة لنا فيها ، فإن تعدوا حدودنا (٣) غزوناهم.
وقال القبط : إن الملك معاذيوس كان يوما في هيكل زحل حذاء صورته وقد أجهد نفسه له حتى غشاه نور ، فخاطبه وقال : قد جعلتك ربّا على أهل بلدك أيام حياتك.
فعظم في نفسه ، ورفع أمره لأهل بلده فجاؤوا إلى سدنة ذلك الهيكل ، فقالوا : رأينا نورا ، وسمعنا خطابا ، فأعظموا أمره. فتحير في نفسه ، والتفت عن أمر المملكة تكبرا ، وطلب من الناس أن يدعوه ربّا / وقال لهم : قد علمتم ما خصصت به دون غيري من الملوك ولست للنظر في أمركم ، وقد وليت الملك لولدي أقسامس ، واحتجب عنهم ، وتولى ولده :
أقسامس الملك :
ولبس تاج أبيه ، وأنزل الناس منازلهم ورتب الصنايعية في صنائعهم ، وقسم الكور والأعمال ، وأمر باستنباط العمارات ، وإظهار الصناعات. ووسع ، وأعطى ، ووهب ، وأمر بأن تنظف الهياكل ويتجدد لباسها وأوانيها ، وزاد في قرابينها. وأقام أعلاما كثيرة حول منف ، وجعل أساطين عظام يمشى عليها من بعضها إلى بعض. وعمل برقودة ، وصا ، وبنى فوق الصعيد ، وأسفل الأرض مدنا كثيرة ، وأعلاما وطلسمات. وعمل أكره من فضة على عمل البيضة الفلكية ونقش عليها صور الكواكب السبعة الثابتة وثبتها ، ودهن الصور بالدهن الصيني وركبها على منار في وسط منف.
وعمل في قبة الميزان الذي يعتبر به الناس ميزانا كفتاه من ذهب ، وعلاقته من فضة ، وخيوطه وسلاسله من الذهب ، وعلقه في هيكل الشمس ونقش على أحد كفتيه : حق ، وعلى الأخرى : باطل ، وتحت كفتيه (٤) فصوص منقوش عليها أسماء الكواكب ،
__________________
(١) في صلب المخطوط : مبعدا ، والتصويب من هامشه.
(٢) في المخطوط : بركته ، وهو تحريف.
(٣) في المخطوط : جدورنا ، وهو تحريف.
(٤) في المخطوط : الكفاه ، وهو تحريف.