والذي رواه الثعالبي : أن لها اثني عشر ألف قائد تحت كل قائد مائة ألف مقاتل ، فهل أنت منطلق معي حتى تراها؟
قال : نعم ، وانطلق معه حتى أتيا بلاد اليمن / ونظر إلى ملكها وقصرها وإليها ، وحضر وقت الصلاة ، فلم يجد سليمان [عليهالسلام] الهدهد ، فقال ما أخبر الله عنه في كتابه العزيز.
ثم دعا بالعقاب عريف الطير ، وقال : ائتني به ، فطار في الشرق والغرب ، وإذا به قد أقبل من جهة اليمن ، فأتى به إلى سليمان نبي الله.
فقال له : أين كنت؟
فقال : (أَحَطْتُ ...) [النمل : ٢٢] الآية ، وذكر صفة عرضها وما فيه من الجواهر وغيره ، ثم قال : وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وخرّ (١) ساجدا لله ، ثم رفع رأسه وقال : (أَلَّا يَسْجُدُوا (٢) لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [النمل : ٢٥].
قال سليمان عليهالسلام : (سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ) [النمل : ٢٧].
ثم سأله عن الماء ، فقال : إنه تحت قائمة كرسيك ، فأمر سليمان [عليهالسلام] بتحويل البساط ، ونقر الهدهد بمنقاره مكان الماء فأخرجوا الماء وشربوا ، وتوضؤوا ، ثم قال للهدهد : (اذْهَبْ بِكِتابِي هذا) [النمل : ٢٨] الآية.
وأقبل سليمان [عليهالسلام] آصف بن براخيا وقال : اكتب إلى هذه المرأة كتابا لطيفا. فدعا بصحيفة من فضة وكتب : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ ، وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) [النمل : ٣٠ ، ٣١] وختم الكتاب وبعثه مع الهدهد في زمرة من الطير.
فأقبلوا نحو اليمن وانقضوا على قصرها ، ودخل الهدهد إلى قبتها من كوة القصر وهي نائمة ، فوضع الكتاب على نحرها وطار. فلما استيقظت أخذت الكتاب وجمعت قومها ، ثم قالت : (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) [النمل : ٢٩] وكتبته وقرأته.
وقالت : إنه من قبل رجل عظيم ، وجمعت أكابر قومها وقالت : (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ ، يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ ، قالُوا : نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي ما ذا تَأْمُرِينَ) [النمل : ٣٠]. فعملت أنهم أخطأوا الرأي كونهم عزموا على الحرب.
__________________
(١) في المخطوط : أخر ، وهو تحريف.
(٢) في المخطوط : إلا كثير يسجدوا. وكلمة كثير زائدة على السياق فحذفتها.