التاج وما عليها. ثم أنها أخذت تلاعبه ، ثم أنها أمرت بالطعام فحضر ، فامتنع من الأكل ، وقال : ما أريد أن أغفل عن رؤية وجهك. فأمرت بالشراب ، فأتي به في أواني الجوهر النفيس ، وأخذ في الشراب حتى سكر ووقع على قفاه ، فذبحته بلقيس. ثم دعت بأبيها (١) وأعلمته بذلك ففرح ، ثم كتبت إلى خزان الملك / على لسان الملك : أني أحببت الإقامة هنا فاحملوا خزائن أموالي وذخائري ، وآتوني بها ، ففعلوا.
ثم أرسلت خلف سادات ملوك اليمن على لسانه ، وأرسلت لهم الطعام والشراب فأكلوا وشربوا ، ثم أشرفت عليهم بلقيس ، وقالت : إن الملك يأمركم أن توجهوا إليه بنسائكم وبناتكم ، فغضبوا ، وقالوا : ما يكفيه أنه فضح بنات العرب حتى طمع فينا؟
فقالت لهم : أمسكوا عليكم حتى أراجعه ، ثم عادت إليهم وقالت : قد أخبرته بغضبكم ، ومقالتكم ، فقال : لا بد من ذلك. فازداد القوم غضبا وصاحوا.
فقالت : على رسلكم حتى أراجعه ، فغابت ثم عادت وقالت : قد رأيته نام فما رأيكم في أمر أفعله وأريحكم منه على أن تملكوني على أنفسكم؟
فقالوا : نعم ، رضينا بذلك. فحلّفتهم وأخذت عليهم العهود والمواثيق ، وغابت ساعة وعادت ومعها رأس الملك ، فألقته إليهم ، ففرحوا بذلك وملّكوها عليهم بضع عشرة سنة حتى بعث الله سليمان عليهالسلام نبيا (٢).
ذكر زواج سليمان [عليهالسلام] ببلقيس :
قال : وكان سبب اتصال خبر بلقيس بسليمان عليهالسلام أنه بينما هو سائر على بساطه ، وكان الهدهد دليله على الماء لأنه يراه من عدة فراسخ ، فارتفع في الهواء لطلب الماء فنظر إلى هدهد أقبل من ناحية اليمن ، فقال له هدهد سليمان [عليهالسلام] : من أين أنت؟
قال : من اليمن.
وسأله الآخر ، قال : من الشام من طيور الملك سليمان [عليهالسلام].
قال : سليمان؟
قال : نبي الله ملك الإنس والجن والطير ، وجميع المخلوقات.
قال : إن هذا لملك عظيم ، ولكن ليس ملك بلقيس دونه ، تحت يدها عشرة آلاف قائد تحت يد كل قائد من الجند ما لا يعلمه إلا الله.
__________________
(١) في المخطوط : أبيه ، وهو تحريف.
(٢) في المخطوط : سليمان نبيا عليهالسلام ، وفي العبارة تقديم وتأخير ، فذكرتها على الصواب.