الأبنية واتخذ لها فيه أواني الجوهر.
فأقامت فيه مدة إلى أن وصل خبرها بملك سبأ ، فركب يوما وسار حتى وقف على باب القصر ، فلما نظره تعجب من بنائه. فرجع وأرسل عجوزا من عنده إلى بلقيس ، فدخلت عليها ورأت قصرها وما فيه من التحف التي لا تصل إليها الملوك ، وما عندها من جواري الإنس والجن ، وما خصها (١) الله تعالى به من الحسن والجمال ، وعادت إلى الملك / وأخبرته بذلك. فأخبر وزير أبيها ، وأنكر عليه (٢) وقال : كيف بنيت مثل هذا القصر ولك مثل هذه البنت وأنت وزيري ولم تعلمني بشيء من ذلك؟
فقال : إن البنت من زوجتي عميرة بنت ملك الجن وقد رغبت في بلاد الإنس فحملتها إلى هذا المكان.
قال : فزوجنيها ولا بد من ذلك.
فقال له : لا بد من إذنها.
فقال : افعل. فجاء إليها وقال : يا بنتي (٣) قد وقعت في الذي كنت أخافه ، وذكر لها صورة الحال.
فقالت : زوجني منه ولا تخف فإنه لا يصل إليّ. فزوجها منه بحضور أكابر المملكة ، ولما تم ذلك أرسل لها الملك يستعجل حضورها.
فأرسلت له الجواب : إن قصري بناه الجن وفيه عجائب كثيرة وليس لك مثله ، فإن رأيت أن تتحول أنت إلى عندي ، فافعل. فركب لوقته في جنوده ، فلما وصل قالت لأبيها : امض إليه وقل له إن بنتي من بنات الجن ولم تر قط (٤) مثل هذه الجنود ، ففرق هؤلاء وادخل إليها وحدك. ففعل ، ثم دخل القصر وله سبعة أبواب ، وكانت بلقيس قد جعلت عند كل باب جارية من بنات الجن في أحسن الصور ، وفي أيديهن أطباق الذهب فيها الند والمسك ، وأمرتهن أن ينثرن ذلك عليه. فلما دخل توهم أن كل واحدة منهن بلقيس ، ويهم بالنزول عليها ، فتقول : أنا جاريتها وهي أمامك.
ثم صعد العريش ونظر إلى القصر وما حواه فذهل ورأى ما لم يخطر له على بال ، فعجب لذلك.
ثم أقبلت بلقيس بين جواريها ، وعلى رأسها تاج ، كاد يذهل عقله حسنها وحسن
__________________
(١) في المخطوط : خصه ، وهو تحريف.
(٢) في المخطوط : عليها ، وهو تحريف.
(٣) في المخطوط : يا ولدي ، وهو سهو.
(٤) في المخطوط : قت ، وهو تحريف.