المسيح [عليهالسلام] ومدة هؤلاء الملوك ألفي سنة وثلاثمائة سنة.
ومن كلام الحكمة :
أن يقال : بحب الأوطان عمرت البلدان ، فحرمة بلدك عليك كحنو والديك.
ذكر بناء سد الإسكندرية وصفة بنائه :
وذلك أن الواثق بالله رأى مناما (١) وهو : كأن السد قد انفتح وخرجت منه يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب (٢) ينسلون ، فاستيقظ مرعوبا فقال : أئتوني بسلام الترجمان.
فلما وقف بين يديه أخبره بما رأى ثم قال : عزمت أن أجهزك لجهة السد لتأتيني بخبره.
فقلت : سمعا وطاعة لله ولك.
ثم قال : إذا وصلت فحرز أمره ، وانظر هل تلف شيء من بنائه أو هو باق على حاله؟ وأعطاه ديته وزاده فوقها خمسة آلاف دينار ، ثم ضم إليه خمسون فارسا أمجاد ، وأعطاهم دياتهم ومالا فوق دياتهم ، وخيلا للركوب وبغالا للحمل ، وكتب لهم كتبا لمن في طريقهم من الملوك ليرسلوا معهم أدلاء ومغفرين ومنها / كتاب لإسحاق بن إسماعيل صاحب أرمينية ، وكتاب لصاحب ملك السرير ، وكتاب إلى ملك اللات ، وكتب إلى ملك غيلان شاه ، وكتب لنا غيلان شاه إلى ملك الحذر ، لما وصلناه أرسل معهم خمسة أدلة فسرنا من عنده سنة وعشرون يوما ، فوصلوا أرضا سوداء كالقير منتنة الرائحة.
وكان ذلك الملك أعطاهم مع ما زودهم به خل كثير لأجل تلك الأرض إذا وصلوها ، وإذا بها مدن كثيرة كلها خراب فساروا في تلك الأرض والمدن الخراب سبعة وعشرون يوما.
فسألوا عن خراب تلك المدن ، فقالوا : أخربها (٣) يأجوج ومأجوج قبل بناء السد ولم يسكنوا بعد ذلك ، ثم وصلوا إلى حصون عظيمة شديدة البناء في غاية المنعة والارتفاع ، وسكان تلك الحصون مسلمين يتكلمون بالعربية والفارسية ، فسألوهم من أين مجيئهم؟
فقالوا : نحن قصاد على بلاده وعباده.
فعجبوا من مقالتهم ، وقالوا : هذا شيء لم نسمع به ولا آباؤنا من قبلنا ، فما الذي جاء بكم؟
__________________
(١) في المخطوط : مناما ، وهو تحريف.
(٢) في المخطوط : حدث ، وهو تحريف.
(٣) في المخطوط : أخربوهم ، وهو تحريف.