وزبيدة فلما جلس نثرت عليه جدتها ألف وثلاثمائة جوهرة نفيسة ، وكان قد فرش له حصير من ذهب الشريط والقش كله ذهب ، فلما سقط تناثر اللؤلؤ على تلك الحصير.
فذكر مقال أبو النواس فقال : / قاتله [الله](١) كأنه كان حاضرا هذا المجلس حيث قال :
كأن صغري وكبري من فواقعها |
|
حصباء در على أرض من الذهب |
ثم أمر الأمير بجمع ذلك ودفع لبوران ، ففعل ذلك.
وقال لها : سلي حوائجك.
فقالت لها جدتها : إن سيدك قد أذن لك في السؤال ، فسلي ما أحببت.
فقالت (٢) : أسأله الرضى عن عمه إبراهيم بن المهدي.
قال : قد فعلت. ثم ماذا؟
قالت : تأذن للست زبيدة في الحج.
قال : قد أذنت. ثم ماذا؟
قالت : دوام بقاء الأمير.
قال : فعند ذلك خلعت عليها الست زبيدة البدنة اللؤلؤية ، وكانت وصلت لها من خزائن بني أمية مع ما وصل حين (٣) نكبوا ، وكانت مما لا يعرف لها قيمة.
ومن العجب أنه لما خلا بها المأمون حاضت لوقتها. فقالت :
فارس ماض بحربته |
|
طاعن بالرمح في الظلم |
رام أن يرمي فريسته |
|
فاستجارت من دم بدم |
ففهم المراد ، وعاد من وقته لمرقده.
ومما وقع لأمير المؤمنين المعتصم :
مما ذكره العدولي في تاريخه : أنه كان جالسا مع ندمائه في مقام أنسه إذ أخذته سنة من النوم فرأى في منامه : كأنه في مدينة القسطنطينية وكأنه واقف في ملعب (٤) وقد أتوا بأسرى عرضوهم على الملك ، وفيهم امرأة شريفة كالبدر مضيئا ، فلما نظرها الملك
__________________
(١) ذكر لفظة الجلالة يقتضيه السياق.
(٢) في المخطوط : قال ، وهو تحريف.
(٣) في المخطوط : معامين وصل ، وفيه اختلاط وتقديم وتأخير ، فضبط العبارة على النحو المبين بالمتن.
(٤) تكرر اللفظ في المخطوط.