ملكت (١) قلبه بمحاسنها.
فقال لترجمانه : قل لهذه (٢) الأسيرة إن دخلت (٣) في دين الملك يتزوجك ، ويجعلك حاكمة على كل جمل صليبا وشد زنار وإن أبيت قتلك شر قتلة.
فلما بلغها الترجمان مقال الملك ، غضبت وقالت : لا أرضاه خادما لبعلي ، أرضاه بعد الخروج من الإسلام بعلي.
فبلغ الملك مقالها ، فغضب فلطمها علج من علوجه على وجهها وعينها ، فصاحت : وامعتصماه.
فقال الملك : لا يجيئك المعتصم إلا / على البلق ، ثم أمر بها للسجن.
فعند ذلك استيقظ المعتصم من منامه مرعوبا مما رأى.
وأمر من ساعته بعرض الجيش وأن لا يتبعه إلا من له فرس أبلق ، وبرز من يومه ومعه ثمانين ألف فرس أبلق ، وتأخر من بقي من الجيش إلى أن حصلوا خيلا بلقا ولحقوه ، فلا زال يفتح ما في طريقه عنوة حتى وصل مدينة القسطنطينية ، فوجد أهلها متحصنون ، وقد جمع ملكها جيوشا لا يحصيهم إلا الله.
فنزل عليهم المعتصم وحاصرها ، وشدد الحصار إلى أن منّ الله عليه بفتحها.
فلما دخلوا جلس على سرير الملك واستعرض الأسرى قبل أن يستعرض حواصل الأموال ، فجاؤوه بما عندهم من الأسرى ، وإذا فيهم تلك الشريفة ، التي رآها في المنام وبقية آثار اللطمة في عينها فسألها عن خبرها ، فأعلمته بمقاله ، فخر لله ساجدا حيث حقق له ما رآه في نومه.
ثم طلب الملك فجاء يرفل في أغلاله وقيوده ، فأوقفه (٤) مع أمرائه وبطارقته ، ثم ذكر له ما قاله للشريفة ، وعرض عليه الجيش فإذا ليس فيهم فرس غير أبلق ، فصلب الملك على وجهه وجعل يعتذر للأمير مما وقع منه.
ثم اشترى نفسه وبلده وأهلها بمال عظيم ، وقام له بما تكلف في مجيئه وعمل على نفسه وأهل مملكته جزية تحمل كل عام ، وبنى بها جامعا عظيما هو باق إلى يومنا هذا ، والمسلمون يسكنون حوله وبه حارة المسلمين ، ولا زالت إلى أن فتحها الله على يد السلطان ابن عثمان ، وهي كرسي ملكه الآن أدامها [الله] دار السلام إلى يوم القيامة.
__________________
(١) في المخطوط : ملك ، وهو تحريف.
(٢) في المخطوط : هذا ، وهو تحريف.
(٣) في المخطوط : دخلتني ، وهو تحريف.
(٤) في المخطوط : فأوقعه ، وهو تحريف.