إن الله بعث ملائكة فقال : ابنوا لي بيتا في الأرض بمثال البيت المعمور وقدره ، وأمر الله تعالى من في الأرض من خلق أن يطوفوا به كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور.
قال : وكان هذا بناء قبل آدم.
وقال ابن عباس : هو أول بيت بناه آدم في الأرض.
فعلى هذا القول فإن آدم مجدد بناء الملائكة بين بناء البيت ، وبناء المسجد الأقصى أربعون سنة.
وذكر أن إسحاق أمر ولده يعقوب أن لا ينكح امرأة من الكنعانيين ، وأمره أن ينكح من بنات خاله. فلما توجه لذلك ، فأدركه الليل فنام في الطريق متوسدا حجرا ، فرأى فيما يرى النائم : أن سلما منصوبا إلى باب السماء ورأى الملائكة تعرج فيه وتنزل منه ، فأوحى الله إليه : أني أنا الله لا إله إلا أنا ، وقد ورثتك هذه الأرض المقدسة وذريتك من بعدك ، ثم أنا معك أحفظك حتى أردك إليّ هذا المكان ، فاجعله بيتا تعبدني فيه ، فهو البيت المقدس.
ذكر بناء داود عليهالسلام لبيت المقدس بعد ذلك :
روى ابن إسحاق : أن الله عزوجل أوحى إلى داود عليهالسلام ، لما كثر طغيان بني إسرائيل : أني أقسمت بعزتي لأبتلينكم بالقحط سنتين أو أسلط عليكم العدو شهرين أو الطاعون ثلاثة أيام. وخيرهم بين إحدى الثلاث.
فقالوا : أنت نبينا وأنت انظر لنا.
فقال : أما الجوع فإنه بلاء فاضح لا يصبر عليه أحد.
والعدو : فلا يبقي أحدا منكم.
والموت : بيد الله سبحانه ، فاختاروا الطاعون.
فأمرهم أن يتجهزوا (١) لذلك ويلبسوا أكفانهم ويخرجوا نساءهم وأولادهم ، وهم على الصخرة من خلفهم / وعلى الصعيد الذي بنى عليه بيت المقدس.
فنادى داود : يا ربّ! إنك أمرتنا بالصدقة ، وأنت تحب المتصدقين ، فتصدق علينا.
وأمرتنا أن لا نرد السائل إذا وقف بأبوابنا وأنك (٢) لا تحب من يرد السائل فقد جئناك سائلين فلا تردنا.
__________________
(١) في متن المخطوط : يتخمروا. والتصويب من هامش المخطوط وهو بنحو خط الناسخ.
(٢) في المخطوط : ان ، وهو تحريف.