قال الوليد : أخبرني ابن شداد عن أبيه عن جده : أن عمر لما فرغ من كتاب الصلح بينه وبين أهل بيت المقدس قال لبطريقها : دلني على مسجد داود.
فقال : نعم.
قال : فخرج عمر متقلدا سيفه في أربعة آلاف من أصحابه الذين قدموا معه متقلدين سيوفهم والبطريق بين يدي عمر في أصحابه ونحن من خلف عمر حتى وصل بنا البطريق إلى الكنيسة التي يقال / لها : القمامة ، فقال : هذا مسجد داود.
قال : فنظر عمر ، وتأمل ، وقال : كذبت ، ولقد وصفه لي رسول الله بصفة ما هي هذه.
قال : فمضى به إلى الكنيسة التي يقال لها : صهيون.
فقال : هذا مسجد داود.
فقال : كذبت.
قال : فانطلق به إلى مسجد بيت المقدس حتى انتهى به إلى باب يقال له : باب محمد ، وقد انحدرنا (١) في المسجد من مزبلة على درج الباب إلى الرواق الذي فيه الباب فكاد يلتصق بسقفه مما هو مشحون فيه من التراب والزبالة.
فقال عمر : لا نقدر أن ندخله إلا حبوا.
قال عمر : ولو حبونا. فحبى (٢) عمر ، وحبونا خلفه حتى أفضينا إلى صخرة بيت المقدس. واستوقفنا فيه قياما ، فنظر عمر ، وتأمل مليا ، ثم قال كما تقدم : والذي نفسي بيده هو الذي وصفه لنا رسول الله.
وكان معه كعب ، فقال له عمر : يا أبا إسحاق (٣) أتعرف موضع الصخرة؟
فقال : أذرع بين الحائط الذي يلي وادي جهنم كذا (٤) وكذا ذراعا ، ثم احفر فإنك تجدها.
وكانت يومئذ مزبلة ، فحفروا فظهرت لهم.
فقال عمر لكعب : أين ترى نجعل المسجد؟ أو قال : القبلة؟
__________________
(١) في المخطوط : الحذرنا ، وهو تحريف.
(٢) في المخطوط : مخبا ، وهو تحريف.
(٣) في المخطوط : أبانا سحق ، وهو تحريف.
(٤) في المخطوط : كهذا ، وهو تحريف.