فقال : اجعله خلف الصخرة ، فتجتمع القبلتان ، قبلة موسى وقبلة محمد [صلى الله عليهما وسلم].
فقال : ضاهيت اليهود يا أبا إسحاق ، خير المساجد متقدمه.
فبناها في مقدم المسجد ، وجعل المسلمون يكنسون ما فيه.
ووجد عمر على الصخرة زبلا كثيرا مما طرحته الروم غيظا لبني إسرائيل ، فبسط عمر رداءه ، وجعل يجمع فيه من ذلك الزبل ويرميه خارج المسجد ، والمسلمون يكنسون معه.
فقال سعيد بن عبد العزيز : جاء كتاب رسول الله إلى قيصر وهو ببيت المقدس وعلى الصخرة مزبلة قد حاذت محراب داود مما ألقته النصارى عليها مضادة لليهود حتى أن المرأة / لترسل بخرق دمها من رومية فتلقى عليها.
فقال قيصر لما قرأ كتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنكم يا معشر النصارى إن تقتلوا هذه المزبلة بما أنهيتكم من حرمة هذا المسجد كما فعلت بنوا إسرائيل.
فأمر بكشفها ، واستعمل في ذلك أنباط الفلسطينين ، ثم أن بيت المقدس لم يزل بأيدي المسلمين من لدن فتوح عمر إلى سنة إحدى وثمانين وأربعمائة ، قام عليه الإفرنج نيفا وأربعون يوما فملكوه ضحى نهار الجمعة من السنة ، وقتل فيه من المسلمين خلق كثير وفي مدة أسبوع ألفا.
وأخذوا من عند الصخرة من أواني الذهب والفضة ما لا يضبطه الحصر. وانزعج المسلمون في سائر بلاد الإسلام ، وكان متسلمه الآن الأفضل بن أمير الجيوش ، فلم يكن له طاقة بالإفرنج لكثرتهم ، فتسلموه منه واستولوا على بلاد كثيرة من السواحل في أيامه فملكوا القدس في سنة ثلاث وتسعين في شوال ونيسارية في سنة أربع وتسعين.
ووجد على رأس بعض التصاوير المصنوعة في المسجد الأقصى مكتوب عقيب ما استنقذه المسلمون منهم هذه الأبيات ، وهم :
ادم الكنائس إن تكن عتبت بكم |
|
أيدي الحوادث أو تغير حال |
فلطال ما سجدت لكن سمامس |
|
شم الأنوف ضراغم أبطال |
بعدا على هذا المصاب لأنه |
|
يوم بيوم والحروب سجال |
ثم لم تزل بأيدي الإفرنج إلى أيام عبد الملك بن مروان.
حديث بناء بيت المقدس وذكر بناء بيت المقدس على يد ابن عبد الملك بن مروان :
لما همّ ببنائه حمل إليه خراج مصر سبع سنين ، وأمرهم أن يصبوا (١) / المال فيه
__________________
(١) في المخطوط : ويصا ، وهو تحريف.