صبا ، ولا ينفقوا إنفاقا.
وقال سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان : أنه ابتدأ في عمارته سنة تسع وستين وفرغ منه في سنة اثنين وسبعين للهجرة.
وأمر أن تبنى لبيت المال قبة شرق الصخرة وشحنت بالمال ، ووكل على ذلك رجاء بن حيوة ويزيد بن سلام (١).
وأخذوا في البناء حتى انتهوا من بناء المسجد والقبة ولم يبق لمتكلم فيه كلام من اتقان وزخرفة ، وكتبوا بذلك لأمير المؤمنين في دمشق : أن الله قد أتمّ ما أمر من البناء ولم يبق محتاجا إلى شيء ، وقد فضل من مال النفقة مائة ألف دينار ، فيصرفها الأمير (٢) في أحب الأشياء إليه.
فكتب إليهما : قد أمرت بها لكما جزاء لما قمتما على العمارة الحسنة.
فردوا له الجواب : نحن أولى أن نزيد من حلي نسائنا فضلا عن أموالنا ، فيصرفها الأمير
(٢) في أحب الأشياء إليه.
فكتب إليهما : تمسك وتضرع إلى القبة.
ففعلوا حتى ما كان يستطاع النظر إلى القبة ظاهرا وباطنا من الذهب ، والزخرفة ، التفصيص المموه. وجعلوا من فوق الدرابزين ستور من فاخر الديباج مرخاة بين العمد (٣). وفي كل اثنين وخميس (٤) يخلط المسك والعنبر والمارود الجوري ويخمر من الليل ، ثم يدخل الغلمان بالغداة الحمام فيغتسلون ويتطيبون ويخرجون منه ويأتوا الخزانة التي فيها الخلوق ، فيخلعون ما عليهم ثم يخرجون ثيابا فاخرة من الخزانة معدة لذلك ومناطق محلاة بالذهب يشدون بها أوساطهم. ثم يأتوا بالخلوق فيطمخوا به الصخرة المعظمة ، ولا يصعد أحد من الغلمان فوقها إلا بعد غسل أقدامهم. فإذا فرغوا من الخلوق أتوا بمجامر الذهب / والفضة والعود القماري والندى المطرى بالمسك والعنبر فترخى الستور حول الأعمدة كلها. ثم يطلقوا البخور بينهم وبين دية القبة من كثرته. ثم ترفع الستور ، فيخرج البخور إلى أن يشم من جميع الأسواق. ثم ينادي مناد : ألا إن الصخرة قد فتحت فمن أراد الصلاة فيها فليأت. فتهرع الناس إليها.
__________________
(١) في المخطوط : إسلام ، وهو تحريف.
(٢) في المخطوط : أمير ، وهو تحريف.
(٣) في المخطوط : العمل ، وهو تحريف.
(٤) في المخطوط : وخمسين ، وهو تحريف.