وكانت أموالها لا تحصى لكثرتها وصدقتها وخيرها لا يحصر ، وأنفقت في سبيل الله أموالا جملة لا حد لها. فمما أنفقت في الحج وبناء القناطر والمساجد شيء لا ينحصر ولا يصل إليه أحد قبلها. وأنفقت في العين المعروفة بعين الشماس الجارية بالحجاز الشريف حفرتها ومهدت لها الأرض في محل جريها في رفع وخفض من مسيرة اثني عشر ميلا ، فكان ما أنفق عليها جملته ألف ألف دينار.
ولها في طريق مكة من جهة العراق آبار كثيرة ومصانع للماء لوفد الحاج إذا نزلوا يكفيهم ذهابا وإيابا ويفضل / عنهم ما يكفي أمما من الناس ولم [يكن] قبله في طريق العراق سوى ما فعلته وأنفقته عليه من مالها رحمها الله.
وأما آثارها الملوكية :
فشيء لم يصل إليه أحد قبلها في الإسلام ، فنذكر بعضه خوف الإطالة :
فإنها أول من اتخذ آلات الذهب والفضة المكللة بالجواهر النفيسة ، صنعت لها ثوب ديباج مرصع ومكلل بالجواهر الثمينة كان مصروفه خمسون ألف دينار وهي أول من اتخذ القباب الأبنوس المصفح بصفائح (١) الذهب والفضة. وأول من اتخذ الحقاق المرصعة بالجواهر والمعادن ، وأول من عمل الشموع من العنبر المعجون بالمسك ، إلى غير ذلك مما يطول شرحه.
ولما مات الرشيد ، وأفضت الخلافة لولده محمد الأمين رفع منازل الخدم والطواشية لبعض خواص خدمه كمثل كوثر الخاتم ، وأمثاله. فلما علمت ذلك ورأت ميله إلى ذلك عمدت إلى الجواري الحسن القدود ذوي الجمال والنهود عدة مستكثرة فألبستهن الأقبية الديباج الملون المتوشحة بالذهب وعممتهن (٢) بالعمائم الفاخرة ، وشدت في أوساطهن مناطق الذهب المرصع وأسبلت لهن (٣) من شعورهن (٤) الطرد السود ، والأصداغ المعقبرية كأجنحة الخطاطيف. فبانت منهن (٥) القدود ، وبرزت لهن من تحت المناطق الأكفال. فكن فتنة لمن رآهن (٦) ، وأبرزتهن (٧) له فوقفن (٨) بين يديه في الخدمة
__________________
(١) في متن المخطوط : بصاحيف ، والتصويب من هامش المخطوط وهو بخط الناسخ.
(٢) في المخطوط : عممتهم ، وهو تحريف.
(٣) في المخطوط : لهم ، وهو تحريف.
(٤) في المخطوط : شعورهن ، وهو تحريف.
(٥) في المخطوط : منهم ، وهو تحريف.
(٦) في المخطوط : رآهم ، وهو تحريف.
(٧) في المخطوط : أبرزتهم ، وهو تحريف.
(٨) في المخطوط : فوقفوا ، وهو تحريف.