مكان الخدم ، فسر بذلك ، فكن يقفن بين يديه وعلى رأسه بالدبابيس المذهبة وبطار المكفتة ، والسيوف المجلاة.
وأخبارها يطول شرحها ومحاسنها ووصف تحفها لا تحصر لكثرتها.
ولنذكر شيئا مما وقع لها :
لما قتل ولدها محمد الأمين على يد أخيه عبد الله المأمون ، دخل عليها بعض خدمها وقال : / ما يمنعك عن أخذ ثأر ولدك وتفعلي كما فعلت عائشة في طلبها ثأر عثمان بن عفان؟
[فقالت](١) له : إخسأ ، ويلك ، ما للنساء وطلب الثأر!
ثم طلبت دواة وقرطاس ، وأمرت بتسويد الحيطان ولبس السواد. وكان قد هجم عليها الطاهر ، وأخذ جميع أموالها وذخائرها. فكتبت لأمير [المؤمنين] عبد الله المأمون قصيدة (٢) وهي :
أخير إمام قام في خير عنصر |
|
وأفضل رأي فوق أعواد منبر |
ووارث علم الأولين وفخرهم |
|
إلى الملك المأمون من أم جعفر |
كتبت وعيني تستهل دموعها |
|
إليك برغمي من جفوني محجر |
أصبت بأدنى الناس مني قرابة |
|
ومذ زال عن عيني فقل تصبر |
أتى طاهر ألا طهر الله قلبه |
|
فما طاهر في فعله بمطهر |
فأبرز في مكشوفة الوجه حاسرا |
|
وانهب أموالي وأحرق أدور |
يعز على هارون ما قد أصابني |
|
وما نابني من ناقص الخلق أعور |
تذكر أمير المؤمنين قرابتي |
|
فديتك من ذي قربة ومذكر |
فإن كان ما قد نالني منك أمره |
|
صبرت لأمر من قدير مقدر |
وإن كان ما قد صار منه فإنني |
|
على أمير المؤمنين فغيّر |
ولا تجمع الأسقام والفقد جمد |
|
فقد قلّ من جور الزمان تصبر |
وأرسلت بهذه الأبيات لأمير [المؤمنين] عبد الله المأمون.
قال : فلما وقف أمير [المؤمنين] على هذه الأبيات كتب لها في ظهرها هذا الجواب :
__________________
(١) ما بين المعقوفين زيادة يتطلبها السياق ، ولعله سقط من الناسخ سهوا.
(٢) في المخطوط : قصة ، وهو تحريف.