الأعداء ، وقد أعلمتكم بذلك ، وأجلتكم ثلاثا ، وأعطيت الله عهدا وثيقا من تأخر بعدها استبحت ماله ، ودمه وعياله.
ثم قال : يا غلام ، اقرأ عليهم كتاب أمير [المؤمنين]. فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله عبد الملك بن مروان إلى من بالعراق من المؤمنين والمسلمين ، سلام عليكم.
فقال الحجاج : أمسك يا غلام ، ثم قام مغضبا ، وقال : يا أهل العراق (١) ويا أهل الشقاق والنفاق ، يسلم عليكم أمير [المؤمنين] ولا تردوا عليهالسلام ، والله لئن بقيت لكم لأدبتكم أدبا غير هذا ، اقرأ يا غلام.
فقرأ ، فلما بلغ السلام على الناس قال الناس جميعا : وعليهالسلام ورحمة الله وبركاته.
ثم أكمل القراءة ، ونزل عن المنبر ، وأمر الناس بالتجهيز لحرب الأزارقة. فلما كان اليوم الثالث جلس الحجاج بنفسه للعرض ، فمر به عمرو بن ضاني التيمي وكان من أشرف أهل الكوفة فقال : أصلح الله الأمير ، ابن شيخ كبير ولي عدة أولاد فليختر الأمير أيهم شاء مكاني.
فقال الحجاج : لا بأس بشاب مكان شيخ ، فلما ولى قال له عتبة بن ربيعة : أصلح الله الأمير ، أتعرف هذا؟
قال : لا.
قال : هو عمرو التيمي الواثب على أمير [المؤمنين] عثمان بن عفان ، وهو مقتول ، فكسر ضلعا من أضلاعه.
فقال الحجاج : عليّ به.
فلما عاد قال له : أيها الشيخ ، أنت الواثب على عثمان بعد قتله؟ والكاسر ضلعه؟
فقال : إنه كان حبس والدي حتى مات / في سجنه.
فقال : يا عمرو ، أما سمعت مقالتي على المنبر؟
قال : نعم.
فقال : قبيح على مثلي أن يقول ولا يفعل ، ثم أمر بضرب عنقه ، فضربت.
فلما قتله خرجت الناس على وجوههم خوفا من سيفه وسطوته ، وازدحموا على
__________________
(١) قوله : يا أهل العراق تكرر بالمخطوط ، فحذفت التكرار.