وهناك أمور تزيد في الذاكرة ، كعملية التذكر ، وكأكل الزبيب ، وأمور أخرى لا مجال لذكرها. وواضح أن القدرة على السبب تعبير قدرة على مسببه ؛ فيمكن أن يكلف الإنسان بأن لا ينسى الشيء الفلاني ؛ أو أن يزيد من نسبة حفظه وضبطه ، باعتبار قدرته على سبب ذلك. والتكليف بالمسبب الذي لا يقدر عليه الإنسان إلا بقدرته على سببه كثير في الشرع.
٣ ـ إن ثمة آيات كثيرة تلوم على النسيان ، بل في بعضها وعيد بالعقاب عليه ، أو جعل العقاب في الآخرة في مقابل النسيان الحاصل في الدنيا. ونذكر على سبيل المثال الآيات التالية :
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ)(١) فإن سياق الآية ، والتعبير ب «ذكر» لا يناسب إرادة التجاهل من كلمة «نسي» ، كما يريد أن يدعيه البعض ، وكذلك الحال في الآيات التالية.
فالمراد هو الغياب عن الذاكرة ، بسبب التساهل والإعراض ، وعدم الاهتمام.
(يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ)(٢).
(فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا)(٣).
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ)(٤).
(نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ)(٥).
__________________
(١) الآية ٥٧ من سورة الكهف.
(٢) الآية ١٣ من سورة المائدة.
(٣) الآية ١٥ من سورة الأعراف.
(٤) الآية ١٩ من سورة الحشر.
(٥) الآية ٦٧ من سورة التوبة.