أنا ؛ لأنه كان قد قارف ليلة ماتت بعض نسائه ، ولم يشغله الهم بالمصيبة ، وانقطاع صهره من النبي «صلى الله عليه وآله» عن المقارفة ؛ فحرم بذلك ما كان حقا له ، وكان أولى به من أبي طلحة وغيره ، وهذا بين في معنى الحديث.
ولعل النبي «صلى الله عليه وآله» قد كان علم ذلك بالوحي ؛ فلم يقل له شيئا ؛ لأنه فعل فعلا حلالا ، غير أن المصيبة لم تبلغ منه مبلغا يشغله ، حتى حرم ما حرم من ذلك ، بتعريض دون تصريح» (١).
وقال ابن حبيب : «إن السر في إيثار أبي طلحة على عثمان : أن عثمان كان قد جامع بعض جواريه في تلك الليلة ؛ فتلطف «صلى الله عليه وآله» في منعه النزول في قبر زوجته بغير تصريح» (٢).
وللعلامة الأميني ههنا كلام جيد ذكر فيه : أن النبي الداعي للستر على المؤمنين ، والداعي للإغضاء عن العيوب ، والناهي عن التجسس بنص القرآن العظيم عما يقع في الخلوات ، يخرج هنا عن سجيته ، ويخالف طريقته (٣) ، ويعرض بعثمان هذا التعريض الذي فضحه وحرمه مما هو حق له. الأمر الذي يدل على أن ما اقترفه عثمان كان أمرا عظيما ، لا مجرد كونه فعل أمرا حلالا ، ربما يكون قد اضطر إليه بسبب طول مرض زوجته ، كما قد يحلو للبعض (٤) أن يعتذر ؛ فإن ذلك لا يستدعي من النبي «صلى الله عليه
__________________
(١) الروض الأنف للسهيلي ج ٣ ص ١٢٧ و١٢٨.
(٢) فتح الباري ج ٣ ص ١٢٧.
(٣) المراد : أن الشارع هو الذي أوجب على رسول الله أن يبادر للتصدي والمواجهة.
(٤) المصدر السابق.