إذا ، فقد كان النبي «صلى الله عليه وآله» يعرض بغير علي «عليه السلام» هنا ، ممن له علاقة قريبة بهذا الأمر.
والغريب في الأمر : أننا نجد عليا «عليه السلام» نفسه يعرض بغيره في هذا الموضوع بالذات ؛ ف «عن أسماء بنت عميس : أنها قالت : قيل لعلي : ألا تتزوج بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟
فقال : ما لي صفراء ولا بيضاء ، ولست بمأبور ـ بالباء الموحدة ، يعني غير الصحيح في الدين ـ ولا المتهم في الإسلام» (١).
وهذا يدل على أن تزويج النبي «صلى الله عليه وآله» لربائبه قد كان لمصلحة الدين والدعوة بالدرجة الأولى ، كتزوجه «صلى الله عليه وآله» لنسائه كما تقدم توضيحه. وحينما طلب منه سعد بن معاذ : أن يخطب فاطمة ، قال له : «ما أنا بأحد الرجلين : ما أنا بصاحب دنيا يلتمس ما عندي ، وقد علم ما لي صفراء ولا بيضاء ، وما أنا بالكافر الذي يترفق بها عن دينه ـ يعني يتألفه ـ إني لأول من أسلم» (٢).
وإذا كنا نعلم : أن النبي «صلى الله عليه وآله» لا يلتمس الدنيا ، فلا بد أن يكون ذلك تعريضا بعثمان ، حيث قد تقدم : أنه كان قد عاهد أبا بكر على أن يسلم إذا زوجه النبي «صلى الله عليه وآله» رقية ، التي كانت ذات جمال رائع.
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٠٧ ، وراجع : المصنف للصنعاني ج ٥ ص ٤٨٦ ، والنهاية في اللغة ج ١ ص ١٤.
(٢) مجمع الزوائد ج ٩ ص ٢٠٧ ، ومصنف عبد الرزاق ج ٥ ص ٤٨٦ ، ومناقب الخوارزمي ص ٢٤٣ ، وكثير من المصادر المتقدمة ، حين ذكر خطبة أبي بكر وعمر لفاطمة صلوات الله وسلامه عليها.