ثم ألم تسمع قول أبيها : جدع الحلال أنف الغيرة؟ (١)
ولو كانت لم تسمع ذلك فلم لا يذكر لها أبوها ذلك حينما اشتكت من زوجها ، أو على الأقل لماذا لا يتذكر هو ذلك ، قبل أن يصعد المنبر ويتكلم بذلك الحماس ، وتلك العصبية والقسوة؟!.
وهل يتناسب ذلك مع حكمته ونبل أخلاقه ، وسمو نفسه ، وما عرف به من الكظم والحلم؟!.
وهذا المأمون يجيب ابنته على شكواها من قضية كهذه بقوله : إنا ما أنكحناه لنحظر عليه ما أباحه الله تعالى. فهل كان المأمون أعلى نفسا ، وأكرم أخلاقا منه «صلى الله عليه وآله»؟! والعياذ بالله (٢).
وخامسا : قال السيد المرتضى : «وبعد ، فأين كان أعداؤه «عليه السلام» من بني أمية وشيعتهم عن هذه الفرصة المنتهزة؟! وكيف لم يجعلوها عنوانا لما يتخرصونه من العيوب ، والقروف؟! وكيف تمحلوا الكذب ، وعدلوا عن الحق ؛ وفي علمنا بأن أحدا من الأعداء متقدما لم يذكر ذلك ، دليل على أنه باطل موضوع» (٣).
وسادسا : وبعد كل ما تقدم : كيف يقول النبي «صلى الله عليه وآله» لبنت أبي جهل ، (بنت عدو الله) ، على المنبر ، وهو الذي منع الناس من أن
__________________
(١) محاضرات الأدباء المجلد الثاني ص ٢٣٤.
(٢) راجع : تلخيص الشافي ج ٢ ص ٢٧٦ ـ ٢٧٩ ، ومقالا للشيخ إبراهيم الأنصاري في مجلة الهادي سنة ٥ عدد ٢ ص ٣٠ ـ ٣٣ بعنوان أسطورة تزوج علي ببنت أبي جهل ، وتنزيه الأنبياء للسيد المرتضى ص ١٦٨.
(٣) تنزيه الأنبياء ص ١٦٩ ، وراجع : تلخيص الشافي ج ٢ ص ٢٧٩.