وقوله : (لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)(١) خطابا للنبي «صلى الله عليه وآله» ؛ إذ لم يكن «صلى الله عليه وآله» طالبا لعرض الدنيا ، ولا مستحقا لذلك العذاب العظيم ؛ لأن معنى ذلك هو أن الله تعالى قد أمره بأمر ، وبينه له ، ثم خالفه ، والعياذ بالله ، فإن الالتزام بهذا هو من أعظم العظائم ، وجريمة من أكبر الجرائم (٢).
ومما يدل على أن الله تعالى قد أبلغ نبيه أن اللازم هو قتل الأسرى : «أن حل الفداء كان قد علم من واقعة عبد الله بن جحش ، التي قتل فيها ابن الحضرمي ؛ فإنه أسر فيها عثمان بن المغيرة ، والحكم بن كيسان ، ولم ينكره الله تعالى. وذلك قبل بدر بأزيد من عام» (٣).
ومعنى ذلك أنه قد كانت ثمة أوامر خاصة بالنسبة لأسرى بدر بينها النبي «صلى الله عليه وآله» لأصحابه ، ولكنهم قد أصروا على مخالفتها ، فاستحقوا العذاب العظيم ، ثم عفا الله عنهم ، رحمة بهم ، وتألفا لهم.
ويدل على ذلك أيضا : أنه قد جاء في بعض النصوص : «أن جبرائيل نزل على النبي «صلى الله عليه وآله» يوم بدر ، فقال : إن الله قد كره ما صنع قومك ، من أخذ الفداء من الأسارى.
وقد أمرك أن تخيرهم : بين أن يقدموهم ويضربوا أعناقهم ، وبين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدتهم.
__________________
(١) الآية ٦٨ من سورة الأنفال.
(٢) راجع : دلائل الصدق ج ٣ قسم ١ ص ٥٩.
(٣) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٩٢.